المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

361

فقديماً شملني عفوك...» إلى أن يقول(عليه السلام): «وليس عذابي ممّا يزيد في ملكك مثقال ذرّة، ولو أنّ عذابي ممّا يزيد في مُلكك لسألتك الصبر عليه، وأحببت أن يكون ذلك لك، ولكن سلطانك اللَّهم أعظم، وملكك أدوم من أن تزيد فيه طاعة المطيعين، أو تنقص منه معصية المذنبين فارحمني يا أرحم الراحمين، وتجاوز عنّي يا ذا الجلال والإكرام، وتب عليّ إنّك أنت التّواب الرحيم»(1).

هذه هي لهجة إمامنا موسى بن جعفر(عليه السلام) في بيان الرجاء، وأين هي عن لهجة الاعتراض ؟ ! لكن أ نّى لمن انحرف عن خطّ أهل البيت أن يدرك حقيقة العرفان ؟ ! ! ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور﴾.

وكذلك ممّا يبعث بالرجاء علمنا بأنّ في عذابنا سرور عدوّ الله، وفي إدخالنا الجنّة سرور نبيّ الله، كما ورد عن سيّد العارفين وزين العابدين إمامنا السجّاد(عليه السلام)قوله: «... إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوّك، وإن أدخلتني الجنّة ففي ذلك سرور نبيّك، وأنا والله أعلم أنَّ سرور نبيّك أحبّ إليك من سرور عدوّك...»(2).

على أنّ المقصود بالرجاء هو: الرجاء الباعث إلى العمل لما يرجوه الراجي (وهذا ليس معارضة لإرادة الربّ، ولا اعتراضاً عليه) لا الرجاء الباعث إلى ترك المبالاة وعدم السعي فيما يرجوه. فعن ابن أبي نجران، عن الصادق(عليه السلام)قال: «قلت له: قوم يعملون بالمعاصي ويقولون: نرجو، فلا يزالون كذلك حتّى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجّحون في الأمانيّ، كذبوا ليسوا براجين، من رجا


(1) راجع حاشية مفاتيح الجنان طبعة طاهر خوشنويس: 592 ـ 594.

(2) مفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة الثمالي.