المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

360

المريدين؛ لأنّه معارضة من وجه، واعتراض من وجه، وهو وقوع في الرعونة في مذهب هذه الطائفة، إلاّ ما فيه من فائدة واحدة، ولها نَطَقَ باسمه التنزيل والسُنّة، ودخل في مسالك المحققين، وتلك الفائدة هي.: كونه يفثأ حرارة الخوف حتّى لا تعدو إلى الأياس»(1).

ويقصد بذلك: أنّ الرجاء يكون من ناحية معارضةً للربّ تعالى؛ لأنّ العبد يريد من الله الجنّة مثلاً، في حين أنّ المولى المالك لرقّه قد يريد له النار، فعارض إرادة الله بإرادة أُخرى في مقابلها. ويكون من ناحية اُخرى اعتراضاً على الله؛ لأنّه يقول له: يا ربّ أنت غنيّ عن عذاب عبادك، فعليك أن تعفو عنهم، فلماذا تعذّب. وهذا كلُّه يعني: وقوع العبد في الرعونة، أي: الوقوف مع حظوظ النفس لا مع ما يريده المولى تعالى، إلاّ أنّه مع ذلك أصبح الرجاء مطلوباً في الكتاب والسنّة، ومسلكاً من مسالك المحقّقين لما فيه من مداواة ما قد ينجم من الخوف لولم يقابل بالرجاء، وهو الانتهاء إلى اليأس.

أقول: لا أعرف كيف فرض العيبين في صدر كلامه في الرجاء، في حين أنّ الرجاء لا يعني إرادة رحمة الرب ولو على خلاف إرادة الرب، أي: فيما لو كانت إرادته هي الغضب، بل يعني: الأمل في أن تكون إرادة الربّ هي الرحمة، وذلك على مستوى الأمل لا على مستوى الاعتراض. فالعبد المؤمن مسلّم للعذاب لو أراد الله عذابه، ولكن أحد أسباب رجائه للرحمة وعدم العذاب علمه بأنّ عذابه لن يزيد في مُلك الله تعالى. وهذا غير جعل ذلك إشكالاً واعتراضاً على الله.

ولنعم التعبير الوارد عن إمامنا موسى بن جعفر سلام الله عليه في محراب عبادته: «... إن تعذّبني فإنّي لذلك أهل، وهو يا ربّ منك عدل، وإن تعف عنّي


(1) منازل السائرين قسم الأبواب، باب الرجاء طبق نسخة شرح منازل السائرين للكاشاني: 57 ـ 58.