المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

345

تنال ولايتنا إلاّ بالعمل والورع»(1).

يبدو لي أنّ المقصود بما في الحديث الأوّل من أنَّ «... أعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع ...» هو الزهد بالمعنى الأوّل من المعنيين الماضيين في ذاك البحث، وهو: ترك المحرمات والمشتبهات، فهذا يكون أدنى درجات الورع، ويشتدّ الورع بإضافة التورّع عن المكروهات والشبهات الجائزة الارتكاب أو المباحات الشاغلة عن الله سبحانه وتعالى. فكلّما توغّل الإنسان في هذا السلّم من الورع اقترب إلى الاطمئنان القلبي والعاطفي بالله سبحانه وتعالى؛ ولذلك قال (عليه السلام): «أعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين...».

وهناك احتمال آخر في تفسير كون «... أعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع ...» وهو أنّ المقصود بالزهد: الزهد عن الحرام والمشتبه الماليّين، في حين أنّ الورع يعني: التورّع في جميع الأبواب لا في خصوص الأموال، ولا تنافي بين التفسيرين.


(1) اُصول الكافي 2 / 74 ـ 75، كتاب الإيمان والكفر، باب الطاعة والتقوى، الحديث 3.

وهذا الحديث يمثّل توصيات للشيعة المتعايشين ضمن أكثرية سُنّية، كي يؤثّر العمل بها في جلب ثقة السُنّة بالشيعة وبأئمّة الشيعة وبمذهبهم. وفي فرض ترك العمل بها يؤدّي ذلك إلى تشويه سمعة الشيعة والأئمّة(عليهم السلام) والمذهب، لكن يمكن تسرية ذلك إلى الفروض المشابهة، وذلك من قبيل توصية طلبة العلوم الدينية أو العلماء بالعمل بهذه الاُمور ضمن الأُمّة المفروض بها اتّباع العلماء، فلو رأوا منهم ما يخالف هذه الآداب لساء ظنهم بالعلماء أو الحوزة العلمية، بل قد يسوء ظنّهم بالإسلام. ويتضاعف بذلك عقاب هؤلاء العلماء أو المتعلمين، ولو رأوا منهم هذه الآداب لاشتدّت ثقتهم بالعلماء وبطلبة العلوم الإسلاميّة وبنفس شريعة الإسلام ومبادئها وآدابها ومن قبيل توصية المتدينين الذين يتعاهدون المساجد والمشاهد المشرفة ومجالس الوعظ والإرشاد بالالتزام بهذه الآداب لجلب عامّة الناس الفاقدين لمثل هذه التعاهدات. ولنعم ما قيل بالفارسيّة:

شيخى بزن فاحشه گفتا مستى
هر روز بدام دگرى پيوستى
گفتا شيخا هر آنچه گوئى هستم
امّا تو هر آنچه مينمائى هستى؟!