المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

32

قبيل: قبح قتل الناس وإيذائهم بلا سبب، وحسن إعانة العاجز ونحو ذلك، فالذي لا يدرك ـ حتّى بعد إلفاته إلى مثل هذه الأمثلة الواضحة ـ الحسن والقبح والفضيلة والرذيلة لا يمكن إثبات ذلك له بأيِّ برهان من البراهين، والذي يدرك ذلك فبالإمكان أن يُطرَح أمامه احتمالان:

الأوَّل: احتمال أن يكون هذا الإدراك حقَّانيّاً ونابعاً من حاقِّ النفس.

والثاني: احتمال أن يكون ذلك ناشئاً من العادة أو الشهرة أو الدين أو القانون أو العاطفة أو ما إلى ذلك، فبعد طرح هذين الاحتمالين عليه إن احتمل صحّة الثاني، زال عنه ذلك الإدراك، ولا يمكن إرجاعه إليه ببرهان صحيح، وإن لم يحتمل صحّة الثاني لم يحتج إلى برهان.

ونحن نؤمن بهذا المِقياس، ونعتقد رجوع المقاييس الأُخرى الصحيحة ولو في الجملة بقدر مِقياسيَّتها إلى هذا المِقياس، كمِقياس الدين، أو مِقياس المصلحة والمفسدة.

ومن أراد التوسع أكثر من هذا فليراجع كتابنا مباحث الأُصول الجزء الأوَّل من القسم الثاني بحث الاعتماد على الحكم العقليِّ لاستنباط الأحكام الشرعيّة في قبال الأخباريين المنكرين لذلك.

 

المِقياس السابع ـ نظريّة الأوساط أو الوسط العادل:

إنَّ لحكماء اليونان ومن تابعهم في الأُسلوب كلمات كثيرة في بيان الفضيلة والرذيلة، ولم نعلم هل كانوا حقّاً بصدد ذكر ضابط يُرجَع إليه في مقام تمييز الفضيلة عن الرذيلة، أو لا؟ ونحن نذكر منها هنا ثلاث كلمات:

الكلمة الأُولى: ما نُقِل عن سقراط: من أنَّه ليست هناك في الحقيقة إلاَّ فضيلة