المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

152

ح ـ قال بعض: إنّ الجنّة والنار وجودان صوريّان نفسيّان، وليستا خارجيّتين(1)، وإنّ الجنّة وما فيها من حور وقصور وأنهار، والنار بكلّ ما فيها من غسلين وزمهرير ما هي إلاّ ذات من حلّ فيها، والخارج مقولة جوفاء(2).

وكنت أُريد أن أعترض على صاحب هذا الكلام: بأنّه لِمَ لم يلتزم بهذه المثاليّة في دار الدنيا؟! فلئن كان الثبات دليلاً على الواقع الخارجي، وبه يمتاز عالم اليقظة عن عالم النوم الذي لا ثبات في الأحلام التي تقع فيه، فهذا الثبات موجود في عالم الآخرة أيضاً، فيجب الالتزام بواقعيّتها، ورفض خياليّتها ومثاليّتها. ثمّ التفتّ إلى أنّ صاحب هذا الكلام قد التزم بالمثاليّة حتّى بلحاظ دار الدنيا، فهو يقول: وكلّ ما يتراءى لنا من الصور الطبيعيّة والدنيويّة ما هي إلاّ مظاهر نفسانيّة غير خارجة عن قوانا الإدراكيّة(3).

أقول: إنّ إبطال المثاليّة له مجال آخر غير هذا الكتاب، ولكنّي أُشير إلى أنّ اُستاذنا الشهيد(قدس سره) قد أوضح بطلانها عن طريق حساب الاحتمالات في كتابه القيّم: (الأُسس المنطقيّة للاستقراء)(4).

ط ـ رُوِيَ في كتاب الإسراء والمعراج(5) عمّن يسمّونه بالشيخ الأكبر، وهو ابن العربي: أنّه قال في كتاب الفتوحات(6): «إنّ أهل العذاب الذين يخلدون في النار بالنيّات يأخذ الألم جزاء العقوبة موازياً لمدّة العمر في الشرك في الدنيا، فإذا فرغ الأمد حصل لهم نعيم في الدار التي يخلدون فيها، بحيث إنّهم لو دخلوا الجنّة


(1) راجع الإسراء والمعراج: 117.

(2) المصدر السابق: 121.

(3) راجع الإسراء والمعراج: 120.

(4) راجع كتاب الأُسس المنطقية للاستقراء: 452 ـ 470.

(5) الإسراء والمعراج: 126 ـ 127.

(6) 3/463.