المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

145

هو: ذوبان النفس في الله تعالى مثلاً. لا ذوبان البدن وفناءه حقيقة، أو كان نتيجة أنّ ذوبانه في ذات الله وانغماسه في عالم التوحيد أنساه الكثرة أو أعجزه عن رؤية الكثرة؟! فعندئذ كان المفروض به أن يقول: لا أحد في السيارة، فلا معنى لمطالبة الاُجرة، أمّا عدّ الآخرين مع عدم عدّ نفسه، ونسيان نفسه من دون نسيان الآخرين فلم يعرف وجهه.

وأمّا لو كان المقصود: أنّه لا وجود حقيقي إلاّ لله فالمفروض ـ أيضاً ـ إنكار أصل الأجرة والمؤجر والمستأجر.

الثانية (1): سافر الحدّاد إلى إيران، وكان من البلاد التي زارها همدان، وكان الرفقاء قد استأجروا له بستاناً في خارج البلد، فكان يقضي النهار في ذاك البستان، ويعود بالليل إلى همدان في بيت الحاج محمّد حسن البياتي، وزار يوماً من الأيّام المقبرة الواقعة في بهار همدان، وزار فيها قبر المرحوم الشيخ محمّد البهاري، يقول مؤلف الكتاب: قال لي حضرة السيّد: إنّي كنت سامعاً أن المرحوم الأنصاري كان يزور كثيراً قبر المرحوم الحاج الشيخ محمّد البهاري، وقد كان يأتي أحياناً من همدان إلى هذا المقصد مشياً على الأقدام رغم فاصل فرسخين، وقد تبيّن لي الآن: أنّ هذا لم يكن لأجل الاستمداد من روح هذا المرحوم وروحانيّته، وأنّ هذا المرحوم لم يكن له ذلك المقام الذي يستمدّ منه المرحوم الأنصاري ويلقى لديه ضالّته، بل المرحوم الأنصاري كان يفحص عنّي، ويستشمّ رائحتي على أساس مجيئي بعد ذلك في هذه الساعة إلى هذا المكان.

أقول: لو كان المرحوم الأنصاري يهدف إلى استشمام رائحة الحدّاد الذي سيأتي في المستقبل إلى هذا المكان أفلم يكن يدرك أنّه لا حاجة له إلى إتيان هذه المقبرة لهذا الهدف؛ إذ كان الأفضل له أن يأتي إلى البستان الذي استوجر له في


(1) روح مجرّد: 155 ـ 157.