المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

97

الظَّالِمِينَ﴾(1). و( الظالم ) في لغة الشريعة: هو كلّ من يعصي الله. و( العهد ) هنا: الإمامة، بقرينة قوله تعالى في نفس الآية: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً﴾، ومعنى الآية المباركة: أنّ الله تعالى لا يعهد بالإمامة أبداً إلى أحد من العاصين. فكأنّ إبراهيم(عليه السلام) قد طلب من الله تعالى أن لا تكون هذه الهبة التي وهبها إيّاه خاصّة به، بل تثبت الإمامة في بعض ذرّيّته على الأقلّ: ﴿قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾، فقال الله تعالى: ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، يعني: أنّ في ذرّيّتك من يكون ظالماً وعاصياً لله، وعهد الإمامة لا يصل إلى من يعصي الله، لا يصل إلى الظالم. وهذا يدلّ على أنّ الإمامة لا تجتمع مع المعصية، فلابدّ من العصمة إذن.

والإشكال الذي يُذكر عادةً بالنسبة إلى هذه الآية المباركة هو: أنّ الآية دلّت على أنّ الظالم لا يكون إماماً، وهذا لا يُشكّ فيه، ولكن من الممكن أن نفترض بأنّ الإمامة يمكن أن تنال التائبين من المعاصي، فإذا كان هناك شخص ظالم ـ كأن يكون قد عبد صنماً ـ ثُمّ تاب وأسلم وخرج عن الظلم، فإنّه يصلح لأن يُصبح إماماً، فلا تثبت عندئذ العصمة التامّة للإمام بمعنى افتراض أنّ الإمام لابدّ أن يكون منذ أوّل يوم من حياته إلى آخر أيامه معصوماً من الزلل، وغاية ما تدلّ عليه هذه الآية هي: أنّ الإمام لابدّ أن يكون مبتعداً عن الظلم في زمن نيل الإمامة، أمّا أنّه يجب أن يكون غير ظالم حتّى قبل أن



(1) سورة البقرة، الآية: 124.