المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

91

يُحقّق المقدّمات التي تنتهي إلى النتيجة، وهي: أنّ هؤلاء الطلاّب يصبحون علماء، ولكن هذه النتيجة تنتهي بمحض اختيار الطلاّب وقدراتهم وبإرادتهم. والآية الشريفة السابقة الذكر هي من هذا القبيل، فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ يعني: أنّ الله تبارك وتعالى أراد أن يوفّر كلّ المقدّمات الدخيلة في صيرورة أهل البيت(عليهم السلام) طاهرين وبعيدين عن الرجس، ولم تكن مجرّد إرادة تشريعيّة ولا هي تكوينيّة من قبيل ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾، ولمّا كان الله تعالى قادراً على تهيئة كلّ المقدّمات الدخيلة في العصمة، وهو يُريد تهيئة تلك المقدّمات إرادة تكوينيّة، فإنّ هذه المقدّمات لا تتخلّف عن مراده، فتتحقّق حتماً، وبذلك يصبح أهل البيت(عليهم السلام)طاهرين مُطهّرين ومُبتعدين عن الرجس بمحض إرادتهم واختيارهم. فالآية الشريفة إذن تدلّ على عصمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وكان ذلك بمحض اختيارهم.

وقد يُستشهد لما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ـ من أنّ الإرادة هنا ليست تشريعيّة ولا تكوينيّة، بل هي بالمعنى الثالث الذي شرحناه ـ بأنّه لو اُريدت بها الإرادة التكوينيّة، لزم الجبر وهو باطل، ولو اُريدت بها الإرادة التشريعيّة، كان المناسب أن يقال: يريد الله أن تبتعدوا عن الرجس وتتطهّروا، لا أن يقول: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ﴾؛ ذلك لأنّه في باب الإرادة التشريعيّة يُسند الفعل إلى العبد والإرادة إلى الله، فيقال: يريد الله لعباده أن يُصلّوا، ولا يقال: يريد الله لنا أن يجعلنا مصلّين.