المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

90

الجبر بعينه، ويعني: أنّ أهل البيت مجبورون على الطهارة وعن الابتعاد عن الرجس؛ لأنّ الله أراد لهم إرادة تكوينيّة، وما أراده الله إرادة تكوينيّة فإنّه كائن حتماً، وبذلك نرجع إلى الجبر مرّةً اُخرى. وهذا معناه: أنّ عصمة أهل البيت إذن ليست شرفاً أو مدحاً لهم؛ لأنّ العصمة لم تكن باختيارهم، وإنّما كانت بإرادة الله تعالى كإرادته للبشر أن يكونوا بشراً وإرادته للحجر أن يكون حجراً. هذا هو الإشكال الكامن في الاستدلال بهذه الآية المباركة.

وقد كان اُستاذنا الشهيد الصدر ـ رضوان الله تعالى عليه ـ يُجيب عن هذا الإشكال قائلاً بأنّ هناك إرادة ليست تكوينيّة ولا تشريعيّة، وإنّما هي قسم ثالث من الإرادة من سنخ ما يقول المعلّم لطلاّبه: اُريدكم أن تكونوا علماء، واُريد أن أصنع منكم علماء أو فقهاء مثلاً، فهذه الإرادة ليست تكوينيّة ولا تشريعيّة ومجرّد أمر ونهي تشريعيّين بأن يأمرهم أن يكونوا علماء، وإنّما تعني أنّ هذا المعلّم يُريد أن يُهيّئ ما بيده من المقدّمات التي ستؤدّي بهؤلاء الطلاّب إلى أن يتخرّجوا أو يُصبحوا علماء، وممّا لا شكّ فيه أنّ هذا يكون بمحض اختيارهم وليس بالجبر، فالمعلّم يُلقي على طلاّبه الدروس الدقيقة ويوفّر مناخ الدرس والفهم لهم، فيُصبحون بذلك علماء، وسوف تكون إرادة المعلّم هذا مطابقة للواقع حينما يكون قادراً على توفير كلّ المقدّمات لطلاّبه، فيصبحون علماء فعلاً. ويرى(قدس سره) أنّ هذه الإرادة لم تكن تشريعيّة بحتاً، ولم تكن تكوينيّة بمعنى ﴿إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، وإنّما هي إرادة بمعنى أنّه أراد أن