المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

85

وهذا ما نحسُّ به بوجداننا وبفطرتنا، فعندما نعمل عملاً إنّما نعمله بقدرتنا واختيارنا.

ولكن مع هذا يصحّ أن نقول: إنّ الله هو الهادي وهو المضلّ؛ وذلك لأنّ الهداية والضلال تعود إلى صفات نفسيّة قد خلقها الله تعالى مع النفس، كما ورد ذلك في الروايات، فعندما يرد خبر بأنّ: « الشقيّ من شقي في بطن اُمّه والسعيد من سعد في بطن اُمّه »(1) فإنّ هذا لا يعارض الاختيار؛ إذ إنّ الإنسان هو الذي يختار الشقاء بمحض اختياره، ولكنّ طينة الشقاء كانت موجودة معه في نفسه حين خلقت، وهو الذي يختار السعادة بمحض اختياره، ولكنّ طينة السعادة أيضاً كانت موجودة في نفسه حين خلقها الله تعالى.

فمعنى أنّ الله يهدي ويُضلّ إذن هو: أنّ مناشئ الهداية والضلال هي من عند الله تعالى؛ إذ إنّه سبحانه قد خلقها في نفس الإنسان منذ أن خلقه، وهذا لا يعني خروج الاختيار من يد الإنسان، بل يبقى قادراً على مخالفة الحالة النفسيّة التي عنده.

ولا نريد الدخول في البحث الكلامي الموجود بشأن أنّ هذا هل هو ظلم من الله تبارك وتعالى؛ لأنّه يجعل الشقيّ شقيّاً والسعيد سعيداً، أو يجعل الغلبة في بعض الناس لفطرة الشرّ، ولبعض الناس لفطرة الخير؟

لا نريد الدخول في هذا البحث ـ فإنّه أجنبيّ عمّا نحن فيه ـ كي



(1) البحار 5: 9، الحديث 13.