المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

82

عمل اختياري لكلِّ الناس بما فيهم المعصوم، فهو مثلنا تماماً، وكما أنّنا نترك المعصية باختيارنا كذلك المعصوم يترك المعصية بمحض اختياره، فهي شبيهة بالعدالة، ولكن العدالة تختلف عن العصمة، فصحيح أنّ العدالة مَلَكة أو حالة نفسانيّة رادعة عن المعصية، غير أنّها ذات مستوىً من القوّة بحيث تستطيع أن تردع عن المغريات الاعتياديّة التي يبتلى بها الإنسان، أمّا لو فرضنا أنّ المغريات قد ضوعفت آلاف المرّات، فإنّ هذا الإنسان العادل قد يزل عندئذ وينهار أمام هذه المغريات، وعندئذ يفقد هذا العادل عدالته، ويحتاج مرّة اُخرى إلى تحصيل الملكة، وإذا كانت الملكة موجودةً، فإنّ التوبة ـ كما قالوا ـ تكفي لرجوع العدالة.

وأمّا العصمة فهي عبارة عن تلك المناعة النفسيّة التي لو قوبلت بكلّ ما يتصور من مغريات العالم ـ من أوّله إلى آخره ـ في نقطة معيّنة وقوبلت بالمناعة النفسيّة الموجودة في نفس الإنسان المعصوم، لتغلَّبت تلك المناعة على كلِّ هذه المغريات، وسنخ ملكة من هذاالمستوى هو الذي نسمّيه بــ ( العصمة ). فالعصمة إذن تختلف عن العدالة، كما أنّ المسألة ليست مسألة جبر.