المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

69

أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(1).

فمضمون صدر وذيل تلك الآية قد ورد هنا أيضاً، وأمّا الوسط فغير موجود.

وهذا ممّا يسترعي الانتباه إلى أنّ جملة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾ كأنّما كانت جملة معترضة اُقحِمت إقحاماً في أثناء آية تحريم الميتة، ولم يكن لها علاقة بهذه الآية المباركة.

أمّا لو درسنا نفس مقطع ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ...﴾، وهل يمكن ربطه بقضيّة تحريم الميتة أو لا؟ فخلاصة الكلام في ذلك: أنّه ما المقصود بكلمة ﴿الْيَوْمَ﴾؟ فهل تشير هذه الكلمة إلى عصر الإسلام كلّه ـ أي: منذ بعثة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) إلى النهاية ـ أو تُشير إلى يوم مُعيّن ومحدّد من عصر الإسلام قد نزل فيه حكم خاصّ فكمل به الدين؟

فعلى التفسير الأوّل لكلمة ﴿الْيَوْمَ﴾ يكون معنى الآية المباركة هو: أنّ الإسلام هو المكمّل للدين السماوي، فإلى ما قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يكن ذاك الدين السماوي كاملاً (2)، وقد كمل ببعثة


(1) سورة النحل، الآية: 115.
(2) من الطبيعي أنّ الأديان السماويّة كلّها كاملة، ولكن هناك درجات ومراتب بينها، فالبشريّة فيما سبق لم تكن واصلةً إلى مستوىً بحيث يمكن أن ينزل عليها الدين الكامل التامّ، وأمّا في زمن الإسلام الحنيف، فكانت البشريّة قد وصلت إلى ذلك المستوى الذي يؤهِّلها لتلقِّي الدين الكامل، فنزل الإسلام.