المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

238

والحسين إمامان قاما أو قعدا»(1)، وعلى هذا فالإمام هو وحده الذي يقدّر المصلحة في العمل بإحدى الصيغتين: القيام بالسيف أو التقيّة، ولا يقدح ذلك بمنصبه كإمام معصوم مفترض الطاعة.

الأمر الثاني: التحاق ومشاركة أكبر عدد من شيعة الأئمّة(عليهم السلام) في هذه الثورات؛ إذ إنّ الإمام لو كان يمنح تأييداً تامّاً لهذه الثورات عندئذ كانت تتّسع المشاركة فيها من قبل الشيعة، وهذا ما لا يريده الأئمّة(عليهم السلام) حقناً لدماء شيعتهم وحفظاً لهم من الفناء.

وللشاهد على ما ذكرناه من أنّ الهدف لم يكن رفض أصل الثورات نذكر روايةً مرويةً عن الإمام الصادق(عليه السلام)، قال: «لا أزال وشيعتي بخير ما خرج الخارجي من آل محمّد، ولوددت أنّ الخارجي من آل محمّد خرج وعليَّ نفقة عياله»(2).

وبهذا يتأكّد لنا أنّ الأئمّة(عليهم السلام) وبسبب ظروف التقيّة ومهمّات قيادة الاُمّة وقفوا من هذه الثورات موقفاً هو بمنزلة أمر بين أمرين؛ إذ لم يعارضوا الثورات الشيعيّة المناهضة للسلطات الظالمة؛ لأنّها بنظرهم تعبّر عن جزء من أهدافهم، وكذلك لم يساندوها كلّيّاً؛ لأنّها لم تكن نقيّة وصحيحة من الناحية العقائديّة والمذهبيّة، أو لمراعاتهم لمتطلّبات قيادة الاُمّة التي لم تكن ظروفها تسمح بإعلان الثورة الشاملة وتعبئة جميع الشيعة لها؛ لضعفهم وقوّة السلطات، وهذا هو


(1) البحار 43: 291، الحديث 54.
(2) البحار 46: 172، الحديث 21.