المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

189

الحكم الإسلاميّ وقيادة التجربة، وكانت الاُمّة مهيّئة أكثر من أيّ وقت مضى للإحساس بحقيقة الاُمور وحقيقة الاختلاف بين منهج الخلفاء ومنهج الإمام عليّ(عليه السلام) في رؤية الإسلام ووعيه وقيادة تجربته في الحكم والخلافة، لكنّ هذا التهيّؤ من قِبَل الاُمّة كان بحاجة إلى كثير من الصقل والتدريب؛ لكي يتحوّل من مجرّد معرفة ونظر إلى موقف عملي ونفسي لتحمّل أعباء ذلك الوعي فيما يتطلّبه من مواقف وحزم وصبر على المشاقّ، سواء في جانب التصدّي للانحراف وتحمّل النتائج، أم في جانب الصبر على التطبيق الجديد للإسلام فيما يقرّره هذا المنهج من زهد في الدنيا وعدالة في التوزيع والحكم والمجتمع قد لا تصبر عليها النفوس التي درجت واُشربت اتّباع المنهج السابق الذي كرّسه الخلفاء وتحوّل إلى ميوعة مطلقة في التعامل مع الحدود والأخلاق الإسلاميّة زمن خلافة عثمان، ولهذا قال الإمام مخاطباً الاُمّة: «أنا لكم وزيراً خير منّي لكم أميراً...»، أي: أن أكون بعيداً عن القرار «وزيراً» خير وأفضل من أن أكون في موقع القرار والمسؤوليّة «أميراً»؛ إذ إنّ الموقع الثاني يستبطن إصدار الأوامر والقرارات الصعبة التي تتطلّب قاعدة بشريّة واعية ومطيعة قد وطّنت نفسها على خوض غمار الصعوبات، وعلى هذا الأساس فإنّ بيعتكم لي يجب أن تكون بيعة قد أخذت في حسابها جميع هذه الاُمور، وإلّا «فأنا لكم وزيراً خير منّي لكم أميراً».

وقد قبلت الاُمّة شروط الإمام بعد أن بلغ الإصرار أشدّه على