المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

186

محمّد، فإنّي أرى جنبتَي المدينة تكفآن، والله إن نشرت شعرها وشقّت جيبها وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربّها، لا يناظر بالمدينة أن يُخسف بها وبمن فيها. فأدركها سلمان(رضي الله عنه) فقال: يابنت محمّد، إنّ الله بعث أباكِ رحمةً، فارجعي. فقالت: ياسلمان، يريدون قتل عليّ، ما عليّ صبر، فدعني حتّى آتي قبر أبي، فأنشر شعري، وأشقّ جيبي، وأصيح إلى ربّي. فقال سلمان: إنّي أخاف أن يخسف بالمدينة وعليّ بعثني إليك يأمرك أن ترجعي له إلى بيتك وتنصرفي. فقالت: إذن أرجع وأصبر وأسمع له واُطيع»(1).

وأمّا بالنسبة إلى النقطتين الرابعة والخامسة ـ وهما إرشاد المسلمين وتعريفهم الإسلام الصحيح، ومبايعته الوضع الذي نتج عن السقيفة ـ فإنّ الإمام(عليه السلام) ومن واقع مسؤوليّته الشرعيّة استمرّ يعمل بنهجه في إرشاد الاُمّة وتعريفها الإسلام الذي نأت تجربة التطبيق الجديدة عن أحكامه وقواعده، وكان الإمام بحكم الوضع الذي نتج عن أحداث السقيفة مقصىً عن الإدارة السياسيّة المباشرة لاُمور الاُمّة، الأمر الذي جعل المجتمع الإسلاميّ يعيش بعمق خطرين فادحين: خطر تنحية الرجال الاُمناء على الرسالة عن الإشراف عليها، وخطر تسلّم زمام الاُمور رجال غير مؤهّلين لقيادة التجربة الإسلاميّه، وكان الوضع ينذر ـ وبكلّ المقاييس ـ بتصدّع المجتمع الإسلاميّ وانهياره. ولهذا فإنّ الإمام(عليه السلام) سارع إلى إعلان البيعة



(1) البحار 28: 227 ـ 228 الحديث 14.