المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

181

مدّعاهم ) فقال عليّ(عليه السلام): إن كنتم صادقين، فاغدوا عليَّ غداً محلقين. فحلق أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحلق سلمان، وحلق مقداد، وحلق أبوذر، ولم يحلق غيرهم، ثُمّ انصرفوا، فجاؤوا مرّة اُخرى بعد ذلك، فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين، وأنت أحقّ الناس وأولاهم بالنبيّ(صلى الله عليه وآله)، هلمّ يدك نبايعك، وحلفوا (أيضاً). فقال: إن كنتم صادقين، فاغدوا عليَّ محلقين، فما حلق إلّا هؤلاء الثلاثة»(1).

وهناك رواية اُخرى عن الإمام عليّ(عليه السلام) يقول: «اللهّم إنّك تعلم أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قد قال لي: إن تمّوا عشرين فجاهدهم. وهو قولك في كتابك: ﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ﴾». قال الراوي: وسمعته يقول: « اللهمّ وإنّهم لم يتمّوا عشرين حتّى قالها ثلاثاً»(2).

وهكذا، ومن خلال هذه الروايات يتّضح أنّ عدم وفرة الأنصار المخلصين للإمام(عليه السلام) كان وراء عزوف الإمام عن استعمال اُسلوب القوّة في مواجهة الانحراف، واقتناعه بالاكتفاء بالمعارضة السلميّة كتعبير عن رفضه للأوضاع القائمة بعد أحداث السقيفة.

وأمّا بالنسبة إلى النقطة الثانية ـ وهي قيام الإمام(عليه السلام) بتعبئة الاُمّه فكريّاً وإنضاج وعيها حول حجم الانحراف ووضعها أمام مسؤوليّتها ـ فقد مارس الإمام هذا الدور على أكثر من صعيد،



(1) المصدر السابق: 236، الحديث 21.

(2)المصدر السابق: 229، الحديث 14.