المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

16

أي: جعل كلمة التوحيد كلمة باقية في عقبه ومستمرّة بعد مماته(عليه السلام)، لعلّ الناس يرجعون إليها ويهتدون بها بعده. ففاعل ﴿جَعَلَهَا﴾ هنا هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

الثاني: أن يكون فاعل ﴿جَعَلَهَا﴾ هو الله سبحانه وليس إبراهيم(عليه السلام)، فيكون المعنى هو: أنّ الله تعالى جعل الإمامة كلمة باقية في عقب نبيّه إبراهيم (عليه السلام)، أي: أنّها مستمرّة بعده(عليه السلام). فالله سبحانه وتعالى جعل إبراهيم(عليه السلام) إماماً ثمّ جعل الإمامة مستمرّة لِما بعد إبراهيم(عليه السلام)في نسله إلى الحجّة عجّل الله تعالى فرجه؛ إذ إنّ الأئمّة(عليهم السلام) كلّهم من نسل إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وقد رأيت بعض الروايات فسّرت هذه الآية المباركة بهذا المعنى الثاني.

وبناءً على هذا التفسير (الثاني) تكون الــ ﴿كَلِمَة﴾ الوارد ذكرها في الآية الكريمة ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً...﴾ بمعنى حقيقة واقعيّة، وهي حقيقة الإمامة، وليست بمعنى العبارة واللفظ والتعبير من قبيل كلمة التوحيد مثلاً، وهكذا الأمر بالنسبة إلى قوله تعالى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات﴾، فالظاهر أنّ المقصود من لفظ ﴿كَلِمَات﴾ هنا هو حقائق ووقائع، وليست هي عبائر وألفاظ.

إذن فلفظ الــ ﴿كَلِمَات﴾ ـ الوارد في آية ﴿وَإِذِ ابْتَلَى...﴾ ـ يشير إلى الامتحانات الإلهيّة الصعبة التي مرّ بها النبيّ إبراهيم(عليه السلام)، من قبيل أمره بذبح ابنه، حيث استعدَّ(عليه السلام) لذبحه وهيّأ نفسه لذلك، وشرع بتنفيذ الأمر الإلهي إلى أن نُسخ الأمر في قصّة معروفة، ومن قبيل ابتلائه(عليه السلام)بمسألة إلقائه في النار لكي يُحرَق، وإن كان الله تبارك وتعالى قد