المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

145

وأمثال ذلك من الآيات.

إنّ تفسير الآيات من القسم الأوّل الراجع إلى غير الأفعال الاختياريّة هو أحد تفسيرين: إمّا أنّ الله تبارك وتعالى بإرادته المباشرة وبلا وساطة مبدأ العلّيّة يفعل الاُمور، ويخلق ما يريد، ويصنع ما يشاء، ويغيّر، ويبدّل، ويحرّك، كلّ ذلك وفق إرادته مباشرةً. وإ مّا أنّ الاُمور تجري بأسبابها وعللها، « أبى الله أن يُجري الأشياء إلّا بالأسباب »(1)، فقانون العلّيّة هو الذي يحكم العالم، ويسيّر الاُمور، ولكنّ إرادة الله تكمن فوق العلل، أي: أنّ أصل العلل الأساسيّة مخلوقة من قبل الله تبارك وتعالى وبإرادته سبحانه، فإرادته عزّ وجلّ ليست هي التي تسيّر الاُمور بالمباشرة وإنّما تسيّرها من وراء قانون العلّيّة، والعلّة مخلوقة لله. فبأحَدِ التفسيرين ترجع الاُمور كلّها إلى الله كما نطقت بذلك هذه الآيات المباركات.

وأمّا القسم الثاني من الآيات ـ وهي الآيات الراجعة إلى الأفعال الاختياريّة للبشر ـ كقوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى﴾(2)، فهذا أيضاً تفسيره واضح، ولا نؤوّل هذه الآيات ولا نلتزم بالجبر، فلا نقول: إنّ هذه الآيات تفيد الجبر وتسلب القدرة والاختيار من الإنسان وتجعل أعمالنا هي أعمال الله، بل نقول: إنّ الذي نفهمه من هذه الآيات هو أنّ الفعل البشري دائماً له جانبان:



(1) بصائر الدرجات 1: 6، الحديث 2.

(2) سورة الأنفال، الآية: 17.