المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

140

والبساطة في هذه الأبحاث.

ولاُستاذنا الشهيد الصدر ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في هذه المسألة بحث مفصَّل وطريف وممتع في كتابه (الاُسس المنطقيّة للاستقراء)، يقول فيه: إنّ إيماننا بمبدأ العلّيّة لا يقوم على أساس المباني الفلسفيّة العقليّة ـ فحسب ـ التي تقول باستحالة الترجيح بلا مرجّح، وأنّ الممكن نسبته إلى الوجود وإلى العدم على حدّ سواء، فلابدّ إذن من علّة كي تترجّح كفّة الوجود على كفّة العدم، بل نضيف إلى ما قاله الفلاسفة العقليّون: أنّ التجربة لوحدها أيضاً كافية لإثبات مبدأ العلّيّة، خلافاً للفلاسفة المحدَثين الذين قالوا: إنّ العلّيّة لا تثبت بالتجربة(1). وهذا له بحث مفصَّل وعميق لا مجال لشرحه هنا، وإجمال قوله (رضوان الله عليه) هو: أنّنا حينما نكرّر إيجاد شيء ونرى نتيجةً تقترن مع ذاك الشيء ـ كما في تكرار إيجاد النار واقتران الاحتراق بها مثلاً ـ نستكشف من هذا التكرار والتعدّد بحساب الاحتمالات نقطة مشتركة ثابتة في كلّ هذه الأعداد من التجربة، هي العنصر المشترك بين هذه التجارب العديدة، وليس هذا العنصر المشترك إلّا العلّيّة؛ إذ لولا أنّ النار علّة للاحتراق لكان هذا التكرار مجرّد تجمّع صدف ومن دون وجود نقطة مشتركة فيما بينها، وهذا مستبعد جدّاً بضرب القيم الاحتماليّة بعضها في بعض.

 



(1) راجع الاُسس المنطقيّة للاستقراء: 117. والبرهان الكامل على المدّعى تجده في مبحث القسم الثالث من الكتاب.