المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

139

وعلاقتهم بالعالم؛ لكي نرى هل رُبطت علاقة الإدارة ـ مثلاً ـ بالإمام المعصوم، وهل وهبها الله تعالى للإمام المعصوم أو لا؟

إنّ سَير الاُمور والأحداث دائماً ـ فلسفيّاً وعقليّاً ـ لا يخلو من أن يكون خاضعاً لأحد مبدأين:

المبدأ الأوّل: مبدأ العلّيّة، وهو الذي يُسيّر الحوادث، أي: أنّ الأحداث تتكرّر وتتغيّر وتتحرّك وتتبدّل وفق عللها، وهذا ما قال به الفلاسفة العقليّون الذين آمنوا بضرورة العلّيّة وبحجّة أنّ الشيء الممكن ـ المسمّى بممكن الوجود ـ نسبته إلى الوجود والعدم على حدٍّ سواء، فلا يمكن أن يرجّح جانب الوجود فيه إلّا بعلّة؛ إذ لو لم تكن هناك علّة، إذن كان ترجيح جانب الوجود على جانب العدم ترجيحاً بلا مرجّح، وهو مستحيل على حدّ قول الفلاسفة.

وقد أنكر الفلاسفة المادّيّون الجدد مبدأ العلّيّة، ولم يؤمنوا إلّا بمبدأ التقارن، أي: تقارن شيء بشيء، كاقتران النار بالاحتراق، واقتران حركة المفتاح بانفتاح الباب، وما شابه ذلك من دون أن يؤمنوا برابطة العلّيّة بين النار والاحتراق، أو بين حركة المفتاح وانفتاح الباب، وافترضوا رابطة العلّيّة هذه شيئاً غيبيّاً لا يمكن أن يخضع للتجربة، وبما أنّ الفلاسفة المادّيين هم تجريبيّون يؤمنون بأنّ مصدر المعرفة هو التجربة، والتجربة لا تستطيع أن تكشف مبدأ العلّيّة، لذا أنكروا هذا المبدأ، وقالوا: إنّ سير الاُمور لا يكون إلّا بحفنة من التقارنات والصدف. ولا نريد أن ندخل في صميم البحث الفلسفي في ذلك؛ فإنّ ذلك لا يتناسب مع ما بنينا عليه من الاختصار