المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

125

واضحة في كونها أجنبيّة عن المقام، فالذنب في هذه الآية لا يُقصد به المعصية؛ إذ لا علاقة له بالفتح، يقول تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً﴾ بفتح مكّة أو فتح العالم أو فتح باب السلطة على الناس، فأيّ علاقة لذلك بمغفرة الذنب؟! فيكون المقصود من قوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ﴾ الذنوب التي كانت له أمام الناس حيث كانوا يَعُدّون عليه الذنوب، أمّا حين انتصر عليهم، فسيتحوّل حديث الناس، وستتحوّل هذه الذنوب إلى حسنات في نظرهم، كما هوالمشروح في بعض الكتب.

وأيضاً قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَضَالّاً فَهَدَى﴾(1)، فقوله: ﴿وَجَدَكَ ضَالّاً﴾ لا يدلّ على أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) كان قد صدرت عنه المعاصي قبل النبوّة، إنّما المقصود هو الإشارة إلى مستوى الهداية التي وصل إليها النبيّ(صلى الله عليه وآله) لو قسنا بينها قبل نزول الوحي وبعد نزوله، فهو قبل الوحي لم يكن يملك ذاك المستوى من الإيمان الذي فهمه بالوحي، كما قال تعالى: ﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الاِْيمَانُ﴾(2)، إنّما بلغ ما بلغ من مستوىً بالوحي والذي نزل عليه بعد سنّ الأربعين ﴿وَوَجَدَكَ ضَالّاً﴾ يعني الضلال بالنسبة إلى هذا المستوى الرفيع من الإيمان والعلم والمعرفة التي نزلت عليه بالوحي، ولا يعني ذلك صدور معصية عنه قبله.

 



(1) سورة الضحى، الآية: 6 - 7.

(2) سورة الشورى، الآية: 52.