المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

123

وكما في الرواية المشار إليها أنّ آدم وحواء لم يكونا يتوقّعان أن يجرأ أحدٌ على الحلف بالله كذباً، فاقتنعا بكلامه وأكلا.

فلو صحَّ هذا التفسير والتوجيه لم يكن آدم(عليه السلام) قد خالف نهياً يعتقد أنّه نهي تشريع، ونهي مولى لعبده، وإنّما كان يعتقد أنّه نهي إرشاد، وهذه أيضاً معصية؛ لأنّ المعصية لغة المخالفة، وعصى بمعنى خالف، فقوله تعالى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ﴾ بمعنى خالف آدم ربّه، وحتّى المريض لو خالف الطبيب لقلنا عنه: إنّه عصى الطبيب على الرغم من أنّ أمر الطبيب أمر إرشادي وليس أمراً مولويّاً تجب طاعته، فمخالفة آدم النهي الإلهي كان معصية إلّا أنّها ليست بالمعنى المصطلح عليه شرعاً وما يستحقّ عليه العقاب.

الطريق الثاني: ما ورد في بعض الروايات من أنّ هذه المعصية إنّما صدرت عن آدم، وآدم لم يكن نبيّاً حينها، إنّما أصبح نبيّاً أو خليفة في الأرض بعد ذلك. وما كانت معصية سوى صغيرة من الصغائر، ومثلها موهوبة للأنبياء قبل نبوّتهم(1).

فإن أردنا التسليم بهذه النصوص والعمل وفقها، فعندئذ سنقول بالتفصيل والتفريق بين مقام النبوّة ومقام الإمامة، باعتبار أنّ آدم(عليه السلام)لم ترد بشانه آية ولا رواية تقول: إنّه كان بمستوى الإمامة كما هو الحال في إبراهيم(عليه السلام) ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، فيكون المقصود بقوله: ﴿لاَ يَنَالُ


(1) راجع البحار 11: 164، ذيل الحديث الثامن.