المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

122

بقرينة قوله تعالى: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾(1). ففي إحدى الروايات أنّ آدم وحواء لم يكونا يعرفان إلى ذلك الوقت أنّ من المعقول والممكن أن يحلف شخص بالله تعالى كاذباً ولم يخطر ذلك ببالهما أبداً، فاستطاع الشيطان أن يُقنعهما بأ نّ النهي الإلهي الصادر لم يكن نهياً مولويّاً واجب الطاعة، وإنّما كان نهياً إرشاديّاً باعتبار أنّ الله تبارك وتعالى إنّما خلق آدم لكي يكون خليفةً على وجه الأرض، لا أن يبقى في الجنّة(2)، كما يشهد لذلك قوله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾(3)، فلم يقُل: إنّي جاعل في الجنّة خليفة، بل خلقه للأرض من أوّل الأمر، فكأنّما أراد إبليس أن يُفهِمَ آدم وحواء بأنّ الله عزّ وجلّ إنّما نهاكما عن أكل هذه الشجرة نهياً إرشاديّاً لا نهياً تحريميّاً أو مولويّاً يصدر عن مولى لعبده؛ بل ليُبيّن لكما طريق الخروج من الجنّة والانحدار إلى الأرض، فإن كنتما تحبّان البقاء في الجنّة كملكين، فكُلا من هذه الشجرة ﴿قَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ﴾، فلو أكلتما من الشجرة، فستصبحان خالدين فيها، ولا تخرجان منها، وتكونان من ملائكتها ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾.

 



(1) سورة الأعراف، الآية: 20 ـ 21.

(2) راجع البحار 11: 164، الحديث 8.

(3) سورة البقرة، الآية: 30.