المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

120

أمّا في مدرستنا ـ مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ـ فلو احتمل أحدٌ أنّ النبيّ أو الإمام يمكن أن يعصي قبل بلوغه هذه المرتبة وهذا المقام، فلا يحتمل أبداً أنّه يعصي حينما يكون متلبِّساً بهذا المقام، فمن غير المعقول أن يزني أو يهمَّ بالزنا من جعله الله حاكماً وإماماً حاملاً لعهده تعالى، فلابدّ من تفسير آخر لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا﴾، ولو لم يرد في صدر الآية أنّ يوسف(عليه السلام) بلغ مستوى الحكم، لأمكن لقائل أن يقول: إنّ يوسف(عليه السلام) لم يكن نبيّاً في أوائل بلوغه، ولا إماماً عندما همّت به وهمّ بها، ثمّ أصبح نبيّاً وإماماً، إلّا أنّ الآية ظاهرة في أنّ وقوع القصّة والحادثة كان بعد إمامته لقوله: ﴿آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾.

ولقد وردت عدّة تفاسير لتلك الآية في روايات الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) كما عن الإمام الرضا(عليه السلام): أنّها همّت به لأجل الزنا، وهمَّ بها ليقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله؛ إذ تقول الآية بعد ذلك: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء﴾، فالسوء بمعنى القتل، والفحشاء بمعنى الزنا، أي: لنصرف عنه القتل والفحشاء(1)، فعلى هذا التفسير لا يكون همّه بها للزنا وإنّما لقتلها تخلّصاً منها.

وفي رواية اُخرى: أنّ همّه بها كان موقوفاً على عدم رؤيته برهان ربّه، أي: لولا أن رأى برهان ربِّه لهمَّ بها كما همّت به، ولكن



(1) تفسير نور الثقلين 2: 419، الحديث 41.