المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

119

القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ﴾(1).

أمّا ما ورد في قصّة يوسف(عليه السلام) من قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾، فهو في أغلب الظنّ بالمعنى الأوّل، أي: بلغ سنّ التكليف بقرينة قوله تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا﴾، فهي لا تنتظر أن يبلغ أربعين سنةً حتّى تراوده عن نفسه، بل كان ذلك ـ كما في العادة ـ في أوّل شبابه وبلوغه سنّ التكليف.

وهذا يدلّ أيضاً على أنّ يوسف(عليه السلام) قد بلغ مرتبة النبوّة بل المرتبة الأعلى منها ـ وهي مرتبة الحكم ـ في أوائل سنّ التكليف، أي: أنّه لم يكن مجرّد نبيٍّ يُوحى إليه ورسول يُبلغ الحكم الإلهي، بل كان في مرتبة أعلى من مرتبة النبوّة والرسالة، وهي مرتبة الحكم أو مرتبة الإمامة، ومع الأخذ بعين الاعتبار أنّ يوسف(عليه السلام) كان من أوّل بلوغه سنّ التكليف نبيّاً ورسولاً وإماماً وحاكماً، فإن كان بالإمكان الشكّ في عصمة الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام) قبل النبوّة وقبل الإمامة، واحتملنا صدور الخطأ والمعصية عنهم في تلك المرحلة، فإنّنا لا نحتمل ذلك لمن هو نبيّ أو إمام بالفعل بالغاً مرتبة الحكم والإمامة.

إلّا أنّ إخواننا العامّة: يُعطون الخلافة والإمامة معنىً باهتاً، فيُجوِّزون أن يكون الخليفة فاسقاً ومع ذلك يكون خليفة المسلمين،



(1) سورة الأحقاف، الآية: 15.