المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

118

والقتل الخطأ غير المقصود ليس بمعصية.

وقد يقال: إنّ هناك آيات قرآنيّة اُخرى قد يصعب توجيهها، فهي تدلّ نوعاً ما على صدور ذنب عن بعض الأنبياء الكرام، كقوله تعالى في معصية يوسف (عليه السلام): ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾، وإذا أردنا بحث هذه الآية علينا أن نلحظ مجموع الآيات الواردة في ذلك الموقف، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾(1).

إنّ عبارة ﴿بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ في القرآن الكريم وردت بمعنيين:

المعنى الأوّل: بلوغ سنّ التكليف كقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾(2)، أي: يبلغ سنّ التكليف والرشد.

المعنى الثاني: هو بلوغ سنّ الأربعين؛ إذ إنّ الإنسان في ذلك السنّ يبلغ عادةً آخر مدارج كماله من ناحية القوّة والمزاج ثُمّ ينتقل بعده إلى النقص، أو أنّه يتوقّف في سنّ الأربعين حتّى الخمسين ثُمّ يبدأ بالنقص بعد الخمسين يوماً بعد آخر، وهذا المعنى الثاني ورد في


(1) سورة يوسف، الآية: 22 ـ 24.
(2) سورة الإسراء، الآية: 34.