المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

115

القضاء بينهما، بل قال بعنوان تقييم الوضع: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ﴾(1)، قال ذلك قبل أن يُجري الحكم القضائي، ثُمّ التفت داود إلى خطئه كما قال الله تعالى: ﴿وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ﴾، انتبه داود(عليه السلام) إلى قوله: ﴿ظَلَمَكَ﴾ الذي لم يكن في محلّه بل سابق لأوانه، وكان عليه أن يُطالب بالبيّنة ويُجري أحكام القضاء، ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآب﴾.

فعندما نقرأ هذا النمط من الآيات القرآنيّة التي تتحدّث عن صدور أخطاء عن الأنبياء(عليهم السلام) ونتفحّص تلك الأخطاء نرى أنّها ليست ذنوباً بالمعنى المتعارف وحتّى بغضّ النظر عن آيات العصمة، فهي ليست أخطاء بمستوى المعاصي، بل هي إمّا غفلة كما في قصّة داود(عليه السلام)، أو هي من قبيل « حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ».

ومن هذا القبيل طلب يوسف (عليه السلام) من صاحبه في السجن أن يذكره عند ربّه، وليست الآية صريحة بتخطئة يوسف(عليه السلام) إلّا أنّ فيها إشعاراً بالخطأ، والآية الكريمة هي: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاج مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ﴾(2)، أي: طلب من أحد السجينين اللذَين كانا معه في السجن ـ بعد أن أوّل لهما رؤياهما وظنّ أنّه سينجو من السجن ـ أن يذكره عند الملك، ويذكر له أمره، لعلّ الملك يعطف عليه ويُفرج



(1) سورة ص، الآية: 24.

(2) سورة يوسف، الآية: 42.