المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

113

يعبدوا الله ربّهم، فتأذّى وغضب ودعا عليهم وخرج عنهم بعد أن علم بقرب نزول العذاب بقومه، وتقول الروايات: إنّ عالماً كان موجوداً لم يوافق يونس(عليه السلام) في دعائه على قومه. ومن الواضح أنّ الله عزّ وجلّ إن لم يكن يقبل هذا الأمر، فإنّه لا يستجيب له ولا يُهلك قوم يونس (عليه السلام)، فهذا الدعاء منه (عليه السلام) ليس معصية، ﴿فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ بمعنى لن نُضيّق عليه، مثل: ﴿قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾(1)، أي: فظنّ أن لن نُضيّق عليه، ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، لاحظوا ما هو الظلم الصادر عن هذا النبيّ؟ الظلم الصادر عنه أنّه لم يكن أرحب صدراً ممّا كان عليه، فهو (عليه السلام)وإن صبر سنين لكن كان عليه أن يصبر أكثر، فهذا هو الذنب الصادر عنه(عليه السلام).

بعد ذلك يُصبح واضحاً جدّاً معنى الذنب الذي يُسند إلى الأنبياء (عليهم السلام)، فإنّه تعبير آخر عمّا يُقال من أنّ «حسنات الأبرار سيّـئات المقرّبين»، هذا هو ذنبهم، يعني ما يصدر عنهم ويُسمّى ذنباً ويستغفرون منه هو وإن كان حسناً في نفسه لكنّه خلاف الأولى بهم وبمقامهم العظيم، ورسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: « إنّه ليغان على قلبي، وإنّي لأستغفر بالنهار سبعين مرّة »(2)، يعني هذه الحسنة التي تصدر عنه(صلى الله عليه وآله) بالنسبة إليه سيّئة؛ لأنّه من المقرّبين، وحسنات الأبرار سيّئات المقرّبين، هذا هو الذي نفهمه من الآيات المباركات.

 



(1) سورة الطلاق، الآية: 7.

(2) البحار 25: 204.