المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

112

الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾(1).

وممّا سبق تبيّن أنّ الذنب الذي كان يصدر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، كان من هذا القبيل، وليس هو معصية من المعاصي، بل كان بحدّ ذاته خُلُقاً رفيعاً وعملاً صالحاً لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، إلّا أنّه وفق قانون « حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين » كان الله تعالى يُريد أن يُؤدِّب رسوله الأكرم(صلى الله عليه وآله)، لكي يكون أرفع خلقاً من هذا الخلق الرفيع الذي يُسمّيه ذنباً بالنسبة إليه(صلى الله عليه وآله).

وكذلك الحال بالنسبة إلى نبيّ الله يونس(عليه السلام)، فما هو ذنب يونس (عليه السلام) الذي يقول الله تعالى عنه في القرآن: ﴿فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِن الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾(2)؟ هل كان ذنبه كبيراً إلى هذا الحدِّ بحيث لو لم يكن من المسبِّحين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون حتّى أنّ كثرة تسبيحه(عليه السلام) لم تُعفِه ولم تُنجِه إلّا من العقاب الطويل، فعُوقب بأدنى من ذلك، فما هو ذنبه؟ وقد ذكر الله تعالى ذنبه بقوله: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾(3)، فمعنى قوله: ﴿ذَهَبَ مُغَاضِباً﴾ أنّه تأذّى من قومه الكفّار الذين تعب من أجلهم وأراد أن يهديهم، لكنّهم أصرّوا على كفرهم وشركهم ولم


(1) سورة الكهف، الآية: 28.
(2) سورة الصافات، الآية: 143 ـ 144.
(3) سورة الأنبياء، الآية: 87.