المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

103

الاعتبار العقليّ هو: أنّ الذي عُهد إليه الحكم من قبل الله تبارك وتعالى وارتبط بالله تعالى بعهد الإمامة ـ على حدّ تعبير القرآن الكريم: ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ ـ أي: جعله الله حاكماً وإماماً للمسلمين، يكون إنساناً احتلّ رتبةً إلهيّةً عظيمة، فهو ليس إنساناً اعتياديّاً؛ لذلك فإنّ هذا الإنسان لو صدر عنه أقلّ ذنب أو معصية من تلك الصغائر التي يغفرها الله تعالى للناس الاعتياديين: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾(1)، يصبح هذا الذنب الصغير من هذا الإنسان الكبير من أكبر الكبائر، والعقل يدرك هذا الفرق، فلو أنّ إنساناً اعتياديّاً ساذجاً بسيطاً لا يعرف أحكام الله تعالى ولا تربّى تربية إسلاميّة جيّدة عصى معصية صغيرة، فإنّه يُؤنَّب عليها وقد تُغفر له، بينما لو صدرت نفس المعصية الصغيرة عن فقيه كبير، أو مرجع دينيّ للناس يُقتدى به، فإنّها ستكون بالنسبة إليه من الكبائر التي لا تُغتفر، ولنفترض أنّ الذي فعل تلك الصغيرة ليس فقيهاً كبيراً وإنّما إمام كبير وعظيم، إمام للمسلمين بل للناس أجمعين، فستكون أصغر الصغائر بالنسبة إليه من أكبر الكبائر وعظائم الذنوب التي تدلّ على خبث عظيم، ومثل هذا لا نحتمل صدوره عن ذلك الإنسان الذي أخذ الله عليه عهد الإمامة، وارتبط مع الله ارتباطاً عهديّاً، ولا نحتمل من هذا الإنسان العظيم أن يُزلّه الشيطان فيُخطئ ولو خطأً يُعتبر بالنسبة إلى غيره اعتياديّاً وصغيراً.

 



(1) سورة النساء، الآية: 31.