المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

102

والاستقامة؟! وعندئذ ينتفي الغرض من ولايته، لذا كانت ولاية الفقيه مشروطة بالعدالة لا بالعصمة؛ لأنّ العصمة ليست شرطاً في القيادات الضيّقة مساحةً والقصيرة زمناً، وأمّا القيادة الأوسع مساحةً والأطول زمناً ـ كما مضى شرحها ـ فإنّها بحاجة إلى شرط أرقى من العدالة وأعلى وهو العصمة؛ إذ إنّ الإمام نُصب من قبل الله تعالى ليكون هادياً للناس أجمعين إلى يوم القيامة، فإنّ مثل هذه القيادة العالميّة الطويلة المدى ـ التي يُراد لها أن ترتقيَ بالبشريّة إلى أرقى سلّم الكمال الروحي والمعنوي الممكن، أو إلى أعلى درجات الارتباط بالله المتعال لنيل رضوانه تبارك وتعالى ـ بحاجة إلى شرط أعلى من العدالة، فلا يكتب لها النجاح إلّا بالعصمة، ولو أخطأ الإمام في عمره مرّةً واحدةً، فلن يثق به الناس، فلا يقتدون به، وعندها لا يكون لهم هادياً إلى يوم القيامة كما أراد الله تعالى. نعم، لئن كانت القيادة الضيّقة المُختصرة لا تتمّ إلّا بالعدالة ـ التي هي منزلة أدنى من العصمة ـ فلا تصحّ للفاسق، فكيف بقيادة واسعة المدى زمناً ومساحة، إنّها لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلّا بالدرجة العليا من التقوى والاستقامة والتي تُسمّى بالعصمة.

هذا هو الاعتبار العقليّ الأوّل الدالّ على العصمة. وهناك دليل أو اعتبار عقليّ ثان يدلّ على العصمة، لكنّه يدلّ عليها في الجملة، أي: مدّة إمامته لا من أوّل حياته، فلا يدلّ على العصمة الكاملة حتّى بالنسبة إلى ما قبل الإمامة، فهذا الدليل كما يقال أخصّ من المدّعى؛ لأنّ المدّعى هو عصمته مدّة حياته كلّها حتّى قبل إمامته، وهذا