المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

99

ولكن الجواب على ذلك: أنّه من الواضح أنّ تطبيق الأحكام الإلهيّة كاملة على وجه الأرض يتوقّف على إقامة السلطان، فإيجاب ذلك يدلّ بالملازمة على إيجاب إقامة السلطان من قبلهم حينما لا يكون السلطان معيّناً بنصّ من السماء.

والفرق العملي بين هذا التقريب والتقريبين الأوّلين أنّ هذا التقريب سوفلن يفيدنا بأكثر من دليل الحسبة؛ أي أنّه لا يثبت به كون الولاية في الكماليّات أيضاً بيد السلطان؛ لأنّها ليست داخلة في المقدّمة التي يتوقّف عليها تطبيق الأحكام الإلهيّة ويسري إليها الوجوب لأجل الضرورة؛ إذ لا ضرورة فيها.

وممّا يمكن الاستدلال به على المقصود أيضاً قوله تعالى: ﴿ إنّا عَرَضْناالأمانَةَ عَلَى السَّماواتِ والأرْضِ وَالْجبالِ فَأَبيْنَ أن يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ منْهاوَحَمَلَها الإنْسانُ إنَّهُ كان ظَلُوماً جَهُولا ليُعَذّبَ اللّه الْمُنافقينَ وَالْمُنافقاتِ وَالْمُشركينَ وَالْمُشركاتِ وَيَتوبَ اللّه على المؤْمنينَ وَالمؤمناتِ وكان اللّهغَفُوراً رحيماً ﴾(1) بناء على أنّ الأمانة التي يمكن أن توصف بأنّها أثقل منأن تحملها السماوات والأرض والجبال وحملها الإنسان لا تكون إلاّ عبارةعن منصب خلافة اللّه. أمّا ما ورد في عديد من الروايات من تفسير الآية بأنّاللّه عرض على السماوات والأرض والجبال ولاية عليّ (عليه السلام) فأبين أن يغصبنها، وغصبها الإنسان الظالم(2) فهو ممّا لا ينسجم مع بلاغة القرآن وسموّه، وتنزيلٌله إلى ما هو أحطّ من كلام الإنسان الاعتيادي، ومعه لا يحتمل صدق هذه الروايات.


(1) سورة الأحزاب: الآية 72 ـ 73.

(2) راجع تفسير البرهان 3: 340 ـ 342.