المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

97

الأرض، وإنما أنتم الخلفاء والوكلاء عن اللّه تعالى، فلابدّ من التزامكم بتعاليم المستخلف عنه والموكّل، على الخصوص في الآية الأخيرة التي ربطت بين الإنفاق والاستخلاف بقوله تعالى: ﴿ أنفِقوا ممّا جَعَلَكُم مُسْتَخْلَفينَ فيه ﴾، فأيّ علاقة مقبولة تراها بين الإنفاق والاستخلاف لو قصد به الاستخلاف عن قوم سابقين؟! اللهمّ إلاّ أن يقال أيضاً: إن كونكم خلفاء للذين بادوا مؤشر على أنكم أيضاً ستبيدون، إذن فأنفقوا في سبيل اللّه قبل أن تبيدوا. في حين أنه لو حمل الاستخلاف على الاستخلاف عن اللّه تعالى فالمناسبة البليغة بين الإنفاق والاستخلاف واضحة، والمعنى عندئذ ـ واللّه العالم ـ أنكم لستم ملاّكاً لهذه الأموال وإنما أنتم مستخلفون عن المالك ـ وهو اللّه تعالى ـ إذن لابدّ لكم من امتثال أمره بالإنفاق.

فإذا ثبت أنّ المقصود بالخلافة في هذه الآيات الخلافة عن اللّه تعالى أمكن إثبات اشتمال ذلك على ضرورة إقامة سلطة الحقّ بأحد تقريبات ثلاثة:

التقريب الأول: أن يقال: إنّ الحاكم على بلد لو قال: جعلتُ فلاناً خليفة في ذاك البلد يفهم منه جعل فلان حاكماً في ذاك البلد وفق تعاليمه هو، واللّه تعالى حاكم على العالمين وفي السماوات والأرض، فحينما يقول: إن البشرية خليفتي في الأرض يكون معنى ذلك أنّ البشرية حاكمة في الأرض نيابةً عن اللّه تعالى، فعليها أن تحكم وفق تعاليمه وأوامره ونواهيه ـ جلّ وعلا ـ وبما أنه لا يمكن أن يكون كلّ فرد فرد حاكماً مستقلا على وجه الأرض، فالمقصود إذن أن يكون كلّ فرد مساهماً بقدره في الحكم، وذلك بتأسيس الحكم على أساس الانتخاب والتصويت، فمن حق كلّ أحد أن يدلي بصوته ويكون بهذا المقدار سهيماً في الحكم.