المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

96

بآياتنا ﴾(1)، وقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُروا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَومِ نُوح ﴾(2)، وقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُروا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عاد وَبَوَّأَكُمْ في الأرْضِ ﴾(3).

ففي هذه الآيات قد جاء ذكر قوم بادوا واستخلاف قوم آخرين، فيحتمل كون المقصود استخلافهم عن الذين بادوا، بخلاف تلك الآيات، ففي أكبر الظنّ أنّ المقصود بها هي الخلافة عن اللّه من قبيل الخلافة في قوله تعالى: ﴿ يا داودُإنّا جَعَلْناكَ خَليفةً في الأرْضِ فاحْكُمْ بينَ النّاسِ بالْحقّ ﴾(4) الواضح في إرادة الخلافة عن اللّه بقرينة تفريع الحكم بالحقّ عليها، إلاّ أنّ المقصود في هذهالآية هي الخلافة الشخصيّة لداود (عليه السلام) والمقصود في تلك الآيات هي الخلافة النوعية لجنس البشرية.

والثاني: أنه لا توجد أيّة نكتة بلاغيّة في التركيز على كون جماعة خلفاً لجماعة آخرين، اللهمّ إلاّ أن يقال: إنه كان المقصود إلفات النظر إلى نكتة تعرف بالملازمة وبالواسطة. بيانها أن يقال: إذا كنتم خلفاء للذين رحلوا وبادوا فاعلموا أنكم أيضاً ستصيرون إلى نفس المصير، فعليكم إذن الالتزام بطاعة اللّه قبل أنْ تهلكوا كما هلك الذين كانوا من قبلكم، وهذا بخلاف ما إذا حملت الخلافة على الخلافة عن اللّه تعالى بمعنى الوكالة عنه، ففي ذلك إشارة بليغة إلى أنه يجب عليكم الالتزام بتطبيق أوامر اللّه في الأرض؛ لأنكم لستم المُلاّك الحقيقيين في


(1) سورة يونس: الآية 73.

(2) سورة الأعراف: الآية 69.

(3) سورة الأعراف: الآية 74.

(4) سورة ص: الآية 26.