المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

85

التبعية للفقيه، لا بالنسبة للقيادة، وذلك لأنّ القيادة لا تكون بمجرّد إعطاء الفتاوى الفقهية التي يصدق فيها بشأن الفقيه أنه يهدي، ويصدق بشأن العامّي أنه لا يهدي إلاّ أن يُهدى من قبل الفقيه، وإنما القيادة تكون بإعطاء آراء وأحكام يكون أحد جذورها ـ وأُسسها التي انبنت عليها ـ الفقه، وهناك جذور أُخرى لها قد لا يكون هذا الفقيه أولى بها من غير الفقيه من خبرات سياسية واجتماعية وعسكرية واقتصادية وأمنيّة وغيرها، فليست نسبة الفقيه إلى غير الفقيه في النتائج التي بها تقاد الأُمّة نسبة من يهدي إلى ( من لا يهدي إلاّ أن يُهدى ) إلاّ بقدر ما يكونمن حصّة الفقه، وهذا يعني أخذ الجانب الفقهي من الفقيه لا أكثر من ذلك.

نعم، تدلّ الآية عندئذ على أولوية المعصوم من غير المعصوم في الولاية والقيادة؛ لأنّ المعصوم أخبر الناس بكل ما له دخل في القيادة لا بخصوص الفقه، فنسبته إلى غيره نسبة من يهدي إلى ( من لا يهدي إلاّ أن يهدى ).

ومن هنا يتضح: أن ما في بعض الروايات من الاستشهاد بهذه الآية بشأن اتباع المعصومين ـ كما في رواية سليم بن قيس بشأن خلافة أميرالمؤمنين (عليه السلام)(1) ـ لا يكون مؤيّداً لكون القيادة للفقيه؛ إذ ليس الفقيه غالباً هو الأعلم بجميع فنون القيادة بخلاف المعصوم.

ولو وجد فقيه كان أكثر الناس خبرة في كل ما هو دخيل في قيادة الأُمّة فلا بأس بدعوى أولويته من غيره في استلام القيادة.

وأما قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ فإن حُمل على العلم بمعنى الدرْك بأن تكون الآية بياناً لعدم صلاحية الأصنام ونحوها


(1) دراسات في ولاية الفقيه 1: 303، نقلا عن كتاب سليم بن قيس: 118.