المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

33

وأمّا المسألة السادسة وهي آخر مسألة بحثها المؤلف في هذا الكتاب فقد عرض فيها حالة العلم بخطأ الوليّ في حكمه، وهي الحالة التي يتردّد ذكرها كثيراً في بعض الألسن، حيث يدّعون العلم بخطأ الولي أحياناً في بعض أحكامه زاعمين أنّ هذا العلم يبرّر لهم الانسحاب عن تنفيذ ذلك الحكم، فهل يصحّ مثل هذا التبرير؟

وقد أجاب السيّد المؤلّف ـ حفظه اللّه ـ عن هذا السؤال بالتفصيل بين نوعين من الأحكام التي تصدر من ولي الأمر:

النوع الأول: هو الحكم الذي لا يقصد به الحاكم عدا تنجيز حقيقة ثابتة لديه مسبقاً كي يعمل به من يشك في تلك الحقيقة، وقد سمّى ذلك بالحكم الكاشف.

والنوع الآخر: هو الحكم الذي يقصد به الحاكم إنشاء تكليف واقعيّ جديد على المجتمع لا مجرّد تنجيز الواقع الثابت لديه مسبقاً، وقد سمّى ذلك بالحكم الولائي.

ويمكن أن نعبّر عن النوع الأوّل ـ وفقاً لمصطلحات علم الأُصول ـ بالحكم الظاهري، ونعبّر عن النوع الثاني بالحكم الواقعي، إذ كما أنّ الشارع تبارك وتعالى قد يصدر منه حكم واقعي وقد يصدر منه حكم ظاهري كذلك وليّ الأمر فقد يصدر منه حكم واقعي وقد يصدر منه حكم ظاهري، ومن الواضح لدى من له إلمام بالأبحاث الأُصوليّة أنّ الحكم الواقعي لا يؤخذ في موضوعه الشك ولكن الحكم الظاهري يؤخذ في موضوعه الشك؛ لأنّه لا يهدف إلاّ إلى تنجيز الواقع عند الشكّ فيه، ولهذا متى ما كان الحكم الصادر من ولي الأمر حكماً كاشفاً ـ أي حكماً ظاهرياً أُخذ في موضوعه الشك ـ أمكن التنصّل عنه في حالة العلم بالخطأ، إذ لم يكن الهدف منه سوى تنجيز الواقع عند الشك فيه فلا يشمل حال العلم بالواقع والقطع بخطأ الولي في تشخيصه. ومتى ما كان الحكم الصادر من ولي الأمر حكماً