المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

118

ولنعد الآن إلى الاحتمال الأوّل، وهو التفصيل بين موارد تشخيص الموضوع واتّخاد الموقف وفق ذاك التشخيص وموارد ملء منطقة الفراغ: بأنّ الأوّل يكون للأُمّة بعد بلوغها مستوى استلام الحكم، وذلك لافتراض دلالة الدليل على نفوذ الانتخاب، والثاني يكون للفقيه حتى بعد بلوغ الأُمّة مستوى الانتخاب بدليل قوله: «فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا» الدالّ على الرجوع إلى الرواة ـ بما هم رواة ـ والرجوع إلى الرواة ـ بما هم رواة ـ لا يكون إلاّ في القسم الثاني لعدم تأثير التخصّص الروائي في القسم الأوّل وكذلك قوله: «فإنّهم حجتي عليكم» يكون ضمير الغيبة فيه راجعاً إلى الرواة، فهو يدلّ على كون الرواة ـ بما هم رواة ـ حجّة للإمام (عليه السلام) على الناس، وهذا لا يكون إلاّ في القسم الثاني.

وقد تقول: إنّ هذا الدليل الدالّ على ولاية الفقيه في ملء منطقة الفراغيعارض عند بلوغ الأُمّة مستوى الانتخاب دليل الانتخاب كما مضى فلماذا يقدّم على دليل الانتخاب؟!

ويمكن الجواب على ذلك بوجهين:

الأوّل: أن يقال: إنّ دليل ولاية الفقيه يقدّم في هذه الحالة على دليل الانتخاب؛ للآية التي تقيّد خيرة المؤمنين في شيء بما إذا لم يقض اللّه ورسوله فيه، قال اللّه تعالى: ﴿ وَمَا كان لمؤمن وَلا مُؤمِنة إذا قَضى اللّه وَرسولُه أمراً أن يكون لهُم الخيرة من أمرهم ﴾(1).

إلاّ أنه يرد على هذا الوجه أن تقيّد انتخاب الناس وخيرتهم بعدم قضاء اللّه ورسوله وإن كان واضحاً حتى مع الإغماض عن هذه الآية المباركة، لكن دليل


(1) سورة الأحزاب: الآية 36.