المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

117

التخريج الثاني: أن يقال: إنّ الإرجاع إلى الرواة ـ بما هم رواة ـ لا يعطي أكثر من الإرجاع إليهم في معرفة الأحكام الأوّلية، وكذلك معرفة مطابقة الأحكام التي تملأ بها منطقة الفراغ للشريعة وعدم مخالفتها للثوابت وللمؤشّرات العامّة، فإنّ هذا هو مقدار دخل تخصّصهم الروائي في الأمر، أمّا نفس الملء فلا يثبت بهذا الحديث كونه للفقيه، فهو يبقى للأُمّة لدى بلوغها مستوى استلام زمام الحكم، فهي تملأ منطقة الفراغ عن طريق ممثّلها المنتخب أو ممثليها المنتخبين على شرط شهادة الفقيه بعدم تعارض ما ملئ به الفراغ مع الشريعة، نعم قبل بلوغها هذا المستوى يتصدّى الفقيه لذلك وفق قواعد الأُمور الحسبية وكونه هو القدر المتيقّن ممّن له التصدّي لهذه الأُمور.

إلاّ أنّ هذا التخريج لو كان مقصوداً فهو في واقعه رجوع إلى الوجه السابق، وهو إنكار ولاية الفقيه رأساً وحصر الرجوع إليه في أخذ الفتوى غاية ما هناك أنّ دائرة الفتوى واسعة تشمل كل العناصر الثابتة بما فيها من مؤشّرات اتجاه العناصر المتحركة.

وقد مضى الإيراد على ذاك الوجه بأنّ حصر عمل الفقيه في استكشاف أحكام الشريعة ـ دون ولاية وضع الأحكام ولو بقدر ملء منطقة الفراغ ـ إن كفى في صدق عنوان حجّة اللّه عليه؛ لأنّه أصبح وسيطاً بين الناس وبين اللّه في إبلاغ الأحكام، فهو لا يكفي في صدق عنوان «حجّتي عليكم» لأنه لم يصبح نائباً عن الإمام ولو في بعض ما له من الولاية.

وقد اتّضح بهذا العرض أنّ الاحتمال الثاني لو كان مقصوداً فهو بكلا تخريجيه لا يخلو من نقاش.