المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

115

الفردية، وكذلك الحال في ولايته بالنسبة للمجتمع في القضايا الاجتماعية، فهي منصرفة إلى فرض قصور المجتمع وعدم قدرته على أن يلي الأُمور الاجتماعية بنفسه، أما إذا بلغ إلى مستوى استلام زمام الحكم بانتخاب وليّ يلي الأُمور ـ بعد فرض ثبوت دليل مطلق على الانتخاب ـ فهو غير قاصر في أُموره إلاّ بقدر تشخيص أنّ الحكم الفلاني هل هو مطابق للعناصر الفقهية وليس فيه خروج عن دائرة أحكام الفقه، أو لا؟ إذن فهذا الحديث لا يثبت تدخّل الفقيه إلاّ بهذا المقدار، في حين أنه قبل بلوغه هذا المستوى كان قاصراً عن ملء منطقة الفراغ حتى بإشراف فقيه على عدم مخالفة ما يملأ به الفراغ لموازين الفقه.

فالنتيجة هي أنه قبل بلوغ الأُمّة مستوى القدرة على تعيين الوليّ يكون ملء منطقة الفراغ بيد الفقيه مباشرة بحكم هذا الحديث وبحكم قاعدة رجوع ولاية الأُمور الحسبية إلى القدر المتيقّن وهو الفقيه، فالفقيه هو يضع مباشرة الحكم الذي يملأ به الفراغ بقدر حاجة الأُمّة ويعمل في سبيل رفع الأُمّة بالتدريج إلى مستوى استلام زمام الحكم، أما بعد بلوغ الأُمّة هذا المستوى فليس الفقيه هو الذي يضع مباشرة الحكم الذي يملأ به الفراغ، بل الأُمّة هي التي تضع عن طريق ممثّلها المنتخب أو ممثّليها المنتخبين الحكم الذي تملأ به الفراغ بشرط إشراف الفقيه على هذا الملء، كي لا يخرج عن دائرة العناصر الثابتة في الفقه.

وهناك فرق كبير بين الأُسلوبين كما هو واضح، فمثلا لو كانت هناك صيغتان لملء منطقة الفراغ في قضية ما ـ كلتاهما مطابقتان حسب رأي الفقيه للعناصر الفقهية وغير خارجتين عن دائرة العناصر الثابتة وعمّا تدلّ عليها من اتجاهات العناصر المتحرّكة ـ لم يجز للفقيه فرض إحدى الصيغتين بالخصوص على الأُمّة،