المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

107

والقسم الثاني: موارد ملء منطقة الفراغ التي تركت من قبل الشريعة لوليّ الأمر؛ لاختلاف الموقف منها باختلاف الزمان والمكان والظروف، كفرض الزكاة على غير الأعيان الزكوية التسع كما صدر عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) بالنسبة للخيل، وكالمنع عن الاحتكار الوارد في عهد الإمام عليّ (عليه السلام) إلى مالك الأشتر، وما إلى ذلك.

وملء منطقة الفراغ ليس أمراً تكون يد الولي طليقة فيه كي يملأها بالشكل الذي يترجّح لديه على الإطلاق، بل يجب أن يكون هذا الملء لمنطقة الفراغ بوضع عناصر متحرّكة في إطار العناصر الثابتة التي تستنبط من الكتاب والسنة.

هذا، وتوجد في تلك العناصر الثابتة مؤشرات إلى اتجاه العناصر المتحركة، من قبيل الهدف المنصوص لحكم ثابت كقوله تعالى ـ تعليلا لجعل الفيء للّه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ـ:﴿ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾(1)، فهذا يدلّ على أنّ التوازن وانتشار المال بصورة تشبع كلّ الحاجات المشروعة وعدم تركّزه في عدد محدود من أفراده هدف من أهداف التشريع الإسلامي، فعلى أساسه يضع وليّ الأمر كلّ الصيغ التشريعية الممكنة التي تحافظ على التوازن الاجتماعي في توزيع المال، وتحول دون تركّزه في أيدي أفراد محدودين، وكما ورد في نصوص الزكاة من التصريح بأنّ الزكاة ليست لسد حاجة الفقير الضرورية فحسب، بل لإعطائه المال بالقدر الذي يلحقه بالناس في مستواه المعيشي(2)، وهذا يعني أن توفير مستوىً معيشي موحّد أو متقارب لكلّ أفراد المجتمع هدف إسلامي لابدّ لوليّ الأمر من السعي في سبيل تحقيقه.


(1) سورة الحشر: الآية 7.

(2) راجع وسائل الشيعة 6: 159، الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 4.