المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

79

عالم نفس المولى ويكون قوله: (أكرمه) كاشفاً عنه. وأمّا إذا بنينا على أنّه بقوله مثلا: (أكرمه) يوجد الحكم والجعل فلا يتمّ هذا التقريب، فإنّه مضى أنّ مقدّمات الحكمة إنّما تجري بلحاظ المدلول التصديقيّ وعالم الثبوت بدعوى أصالة تطابق عالم الإثبات معه، فيثبت أنّ ما في نفس المولى من الجعل مطابق لما في كلامه، ولكن لو فُرض أنّه ليس في نفس المولى جعل فكيف نقول: إنّ مقتضى الأصل تطابق عالم الإثبات مع عالم الثبوت؟ وأين عالم الثبوت حتّى يكون عالم الإثبات مطابقاً له؟

النكتة الثانية: بعد أن عرفت أنّ المعلّق بمعنى المترتّب على الشرط هو شخص الحكم ولكنّه لا بما هو شخص الحكم، بل بما هو قد انطبقت عليه طبيعة الحكم، فالتعليق في لبّ الواقع سرى إلى طبيعة الحكم، بقي في المقام نقص آخر في اقتناص المفهوم، وهو: أنّ طبيعة الحكم يمكن أن تكون مترتّبة على هذا الشرط وهو مجيء زيد مثلا الموجب لإكرامه، وتكون في نفس الوقت مترتّبة على شرط آخر أيضاً وهو مرضه الموجب أيضاً لإكرامه، فكيف نثبت انحصاريّة العلّة؟

والجواب: قد ظهر ممّا سبق أنّ المعلّق في جعله هذا هو شخص الحكم، وإن سرى التعليق في لبّ الواقع إلى ذات الطبيعة. ولا شكّ في أنّ الشرط في شخص كلّ حكم أو كلّ جعل علّة منحصرة بالنسبة لذاك الشخص؛ إذ قد مضى منّا برهان ملفّق(1) على أنّ الموضوع لشخص الحكم يكون علّة منحصرة له، وهو: أنّه لو لم



(1) مضى ذلك في بحث مناقشة كلام المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، حيث مضى تحليل كلام المحقّق العراقيّ إلى دعاوى أربعة مع مناقشة جميع تلك الدعاوى، وقد ذكر الكلام المذكور هنا لدى مناقشة دعواه الثانية.