المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

72

وقد ذكروا لإثبات العلّيّة الانحصاريّة وجوهاً ويظهر لك من التأمّل فيها أنّ دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم كانت مفروغاً عنها عندهم بحسب الفهم العرفيّ، فصاروا بصدد التفتيش عن النكتة الفنّيّة لذلك فاستدلّوا على المفهوم بما استدلّوا، فمثلا نقول: هل كان من المحتمل أن يتشبّث في إثبات المفهوم بقاعدة (أنّ الواحد لا يصدر إلّا من الواحد) مع أنّه يدّعى أنّ المفهوم ظهور عرفيّ؟ فمثل هذا الكلام ناش من مسلّميّة أصل النتيجة.

ثُمّ إنّا نرى وجداناً ـ بحسب الذوق العرفيّ ـ عدم ثبوت المفهوم في القضايا الإخباريّة، مثلا إن قيل: (إذا طلعت الشمس فالنهار موجود)، أو قيل: (إذا جاور الماء النار اكتسب الحرارة)، لم يتوهّم العرف أنّ هذا الكلام يدلّ على انتفاء وجود النهار أو اكتساب الحرارة بانتفاء الشرط، وجميع ما استدلّوا به لإثبات العلّيّة الانحصاريّة تكون بحيث لو تمّ واحد منها لأنتج ثبوت المفهوم حتّى في القضايا الإخباريّة.

ولنا تقريب خاصّ لإثبات العلّيّة الانحصاريّة يمتاز عن تقريبات القوم بأنّه إنّما يثبت ذلك في الأحكام دون الإخباريّات، ولنذكر ذلك التقريب أوّلا، ثمّ نذكر ـ ان شاء الله ـ سائر التقريبات مع إبطالها، فنقول ومن الله التوفيق:

 

التحقيق في دلالة القضيّة الشرطيّة على العلّيّة الانحصاريّة:

التحقيق: أنّ القضيّة الشرطيّة في باب الأحكام تدلّ على اللزوم العلّيّ الانحصاريّ لطبيعة الحكم فيثبت المفهوم:

أمّا دلالتها على اللزوم: فلما عرفت من الظهور السياقيّ للمدلول التصديقيّ، فإنّ الشارع حينما يحكم بشيء كأن يقول: (إن جاءك زيد فأكرمه) ليس بصدد