المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

70

إنّ المفروض عدم دلالتها على العلّيّة الانحصاريّة التي سيتكلّم فيها ـ إن شاء الله ـ في المقام الثالث.

وتوضيح الأمر: أنّه بعد أن فرغنا عن دلالة القضيّة الشرطيّة على اللزوم قلنا: تارةً يفرض لحاظ الربط اللزوميّ من ناحية الشرط وارتباطه بالجزاء، واُخرى يفرض لحاظه من ناحية الجزاء وارتباطه بالشرط. نظير أنّه تارةً يقال: (طلوع الشمس مستلزم لوجود النهار)، واُخرى يقال: (وجود النهار معلّق على طلوع الشمس).

وإن شئت فعبّر بأنّ الربط واللزوم في القضيّة الشرطيّة تارةً ينظر إليه بالعين اليمنى فيسمّى بهذا الاسم وهو اللزوم مثلا، واُخرى ينظر إليه بالعين اليسرى فيسمّى باسم التعليق.

وبكلمة اُخرى: تارةً يفرض أنّ مركز الثقل في ناحية الشرط، واُخرى يفرض أنّه في ناحية الجزاء. فإذا كان في ناحية الجزاء دلّت القضيّة على المفهوم، وإذا كان في ناحية الشرط لم تدلّ عليه ما لم تثبت العلّيّة الانحصاريّة.

ولا يخفى أنّ هذين في الحقيقة قسمان من الربط لا قسم واحد حتّى يقال: إنّ اختلاف الأمر باختلاف النظر ـ بالعين اليمنى أو اليسرى ـ إلى ربط واحد لا معنى له.

والظاهر: أنّ الواضع إنّما وضع الأداة لذات الربط من حيث هو بلا نظر إلى لحاظه بالعين اليمنى(1) أو لحاظه بالعين اليسرى، كما أنّ الظهور السياقيّ إنّما دلّ



(1) نعم هو كذلك، فإنّ الانقسام إلى لحاظه بالنظر إلى العين اليمنى أو اليسرى إنّما يكون بعد فرض الدلالة على اللزوم، فإنّه الذي تارةً ينظر إليه من هذا الطرف واُخرى من ذاك الطرف ويختلف معناه في كلّ من النظرين عن الآخر، دون مجرّد الربط الذي ينسجم مع التصادف المحض. وقد سبق أنّ الأداة لا تدلّ وضعاً على اللزوم.