المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

69

زمان مجيء زيد. فلا نشعر بأيّ مؤونة وكلفة في مثل هذا الكلام مع انتفاء الملازمة، ولو كانت أداة الشرط دالّة بالوضع على اللزوم لم يكن فرق بين القضايا الشرطيّة الماضية والقضايا الشرطيّة الاستقباليّة(1).

فالتحقيق: أنّ أداة الشرط لا تدلّ بالوضع على اللزوم، وإنّما تدلّ القضيّة الشرطيّة على اللزوم إذا كانت استقباليّة من ناحية الظهور السياقيّ للدلالة التصديقيّة، حيث إنّ الإخبار عن ترتّب الجزاء على الشرط في القضايا الاستقباليّة مع فرض الصدق لا يمكن إلّا بأحد وجهين: العلم بالملازمة، والعلم من ناحية أمر غير متعارف بأنّه مهما يجيء زيد مثلا ينهق الحمار اتّفاقاً وصدفة، وبما أنّ الثاني بعيد جدّاً يتحقّق للمدلول التصديقيّ للقضيّة ظهور سياقيّ في الفرض الأوّل وهو اللزوم(2).

الثاني: أن تدلّ القضيّة الشرطيّة على التعليق، وإلّا لما دلّت على المفهوم، حيث



(1) قد تقول: إنّ كلمة (مهما) تدلّ على الظرفيّة وهي متعلّقة بالجزاء، فيصبح الشرط مأخوذاً في موضوع الجزاء فينتفي المفهوم، وهذا هو السبب في عدم الإحساس بالمؤونة والكلفة رغم انتفاء الملازمة.

والجواب: أنّ كلمة (مهما) رغم دلالتها على الظرفيّة وتعلّقها بالجزاء ـ وهذا يوجب انتفاء المفهوم ـ تستعمل كثيراً بمعنى الشرط مع الاحتفاظ بظرفيّتها، فكأنّ معناها منحلّ إلى معنيين، وحينما تستعمل كذلك لا نحسّ أيضاً بالمؤونة، رغم أنّها وإن كانت تعطي معنى الظرف وتتعلّق بالجزاء فلا تدلّ على مفهوم، لكنّها في نفس الوقت تستبطن معنى الشرط، فكان المفروض أن نحسّ بالمؤونة ولا ينافي ذلك عدم المفهوم.

(2) والأمر أوضح في القضايا الحقيقيّة، فإنّ الصدفة والاتّفاق لا تكون على نهج القضايا الحقيقيّة.