المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

57

الحقّ هو الثاني وهو المشهور. وذهب المحقّق النائينيّ(رحمه الله) إلى الأوّل، فلا يرى فرقاً من هذه الجهة ـ أعني: جهة رجوع القيد إلى ذات الواجب ـ بين شرائط الواجب وشرائط الوجوب في عالم الإثبات، وإن كان بينهما فرق في عالم الثبوت. فالوضوء مثلا في عالم الثبوت قيد للصلاة والوقت قيد لوجوبها، لكن في عالم الإثبات يكون كلاهما قيداً للصلاة.

نعم، الفرق بينهما في عالم الإثبات هو: أنّ قيد الواجب كالوضوء قيد له في مرحلة سابقة على الوجوب، فالوجوب طارئ على الصلاة المقيّدة بذلك القيد، فلا محالة يجب تحصيل القيد، وهذا بخلاف قيد الوجوب كقوله: (إذا زالت الشمس فصلّ) وقوله: (إن استطعت فحجّ)، فزوال الشمس أو الاستطاعة في عالم الإثبات قيد للصلاة أو الحجّ، لكنّه ليس قيداً لذلك في المرحلة السابقة على الوجوب، بأن يفرض مثلا أنّه قيّد أوّلا الحجّ بكونه عن استطاعة ثُمّ طرأ عليه الوجوب، فوجب على الناس أن يحجّوا عن استطاعة حتّى يجب تحصيل الاستطاعة، بل طرأ هذا القيد على المادّة في عرض طروّ الوجوب عليها، فأفاد تضييق دائرة الوجوب ولم يجب تحصيله.

والوجه في رجوع قيد الوجوب إلى الواجب لا إلى معنى الهيئة وهو النسبة: أنّ معناها معنى حرفيّ لا يقبل الإطلاق والتقييد. هذا ما أفاده المحقّق النائينيّ(رحمه الله)(1).

وظاهر تقرير بحث الشيخ الأنصاريّ(رحمه الله) أيضاً هو رجوع القيد إلى المادّة. ومن هنا يُعترض عليه بأنّ هذا يعني إرجاع قيود الوجوب إلى قيود الواجب فيجب تحصيل الاستطاعة مثلا للحجّ.

ونقل الشيخ النائينيّ(رحمه الله) عن الميرزا الشيرازيّ أنّ مقصود الشيخ الأنصاريّ لم



(1) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 415 و130 ـ 132، وفوائد الاُصول، ج 1 ـ 2، ص 479 و179 ـ 183 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.