المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

54

وفي هذا القسم من الواضح عدم تعليق المدلول التصديقيّ للجزاء على الشرط؛ لأنّ مصبّ الدلالة التصديقيّة لم يفرض هو الجزاء حتّى يكون معلّقاً على الشرط، وإنّما مصبّها ذات التعليق، ومن هنا يكفي في صدق القضيّة ثبوت التعليق واقعاً وإن لم يتحقّق طرفاها في الخارج إلى الأبد.

وأمّا في الفرض الثاني ـ وهو ما لو قصد المتكلّم كون مركز الدلالة التصديقيّة في كلامه هو الجزاء ـ: فهذا أيضاً ينقسم إلى قسمين:

الأوّل: أن يقصد المتكلّم الكشف عن تحقّق الجزاء في الخارج تحقّقاً حتميّاً، فكأنّه فرض من المفروغ عنه أنّ الشرط سيتحقّق فسيتحقّق الجزاء، ويقصد الكشف عنه كشفاً فعليّاً وليس كشفاً يتمّ عند تحقّق الشرط.

وهنا أيضاً من الواضح عدم كون المدلول التصديقيّ معلّقاً على الشرط، فإنّ المفروض أنّ الحكاية وإن كان مصبّها الجزاء لكنّها ثابتة على نحو التنجيز. وعلى هذا فإن تحقّق في الخارج ـ في وقت من الأوقات ـ الجزاء بتحقّق الشرط كان الكلام صادقاً، وإلّا كان الكلام كاذباً، فصدق القضيّة الشرطيّة هنا مشروط بصدق طرفيها.

ولا يخفى أنّ هذا الفرض خلاف الظاهر من جهة أنّ الجزاء وقع مصبّاً للدلالة التصوّريّة والتصديقيّة، ولكنّ الدلالتين اختلفتا من حيث التعليق والتنجيز.

ويشهد لما ذكرنا من كون هذا الفرض خلاف الظاهر: أنّ مَن تكلّم بجملة شرطيّة لا يكذّبه أحد بصِرف عدم تحقّق طرفيها في الخارج إلى الأبد.

والثاني: أن يقصد المتكلّم أيضاً الكشف عن تحقّق الجزاء في الخارج لا بمعنى الكشف الحتميّ، فقصد الكشف وإن كان فعليّاً ولكنّ الكشف ليس فعليّاً، وإنّما يتحقّق متى ما تحقّق الشرط، وما لم يتحقّق الشرط ليس له كشف عن الجزاء، فلا يكون الكلام كذباً بصِرف عدم تحقّق الشرط والجزاء في الخارج إلى الأبد، فهنا أيضاً لا يكون صدق القضيّة الشرطيّة متوقّفاً على صدق طرفيها.