المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

53

ولكن قد عرفت أنّ الصحيح هو أنّ المعلّق على الشرط ابتداءً هي الدلالة التصوّريّة للجزاء لا التصديقيّة.

نعم، هنا مجال للبحث مرّة اُخرى عن أنّه هل تقتضي الجملة الشرطيّة تعليق الدلالة التصديقيّة للجزاء على الشرط تبعاً، وليس ابتداءً وبالأصالة أو لا؟

وتحقيق الكلام في ذلك ما يلي:

إنّ الجملة الشرطيّة لو كانت من سنخ ما أشرنا إليها ممّا يكون من الواضح انسلاخ الجزاء فيها عن المدلول التصديقيّ، كما في مثل: (ليس إن جاء زيد وجب إكرامه) أو (هل إن جاء زيد وجب إكرامه؟)، فمن الواضح أنّه هنا لا مجال للبحث عن تعليق الدلالة التصديقيّة للجزاء على الشرط ولو بالتبع.

وأمّا فيما لا يكون من هذا القبيل فقد يكون المدلول التصديقيّ للجزاء معلّقاً على الشرط وقد لا يكون، والأمر بيد المتكلّم.

وتوضيح ذلك: أنّنا تارةً: نصبّ البحث على الجمل الشرطيّة الخبريّة، واُخرى: على الطلبيّة:

أمّا في الجملة الخبريّة كقولنا: (إن جاءني زيد أكرمته): فالمتكلّم قد يقصد كون مركز الدلالة التصديقيّة نفس النسبة بين الشرط والجزاء، وقد يقصد كون مركزها النسبة الموجودة في الجزاء وليس ما بين الشرط والجزاء:

أمّا في الفرض الأوّل: فالدلالة التصديقيّة للكلام فيه إنّما هي نفس تعليق الدلالة التصوّريّة للجزاء على الدلالة التصوّريّة للشرط، ولا يقصد المتكلّم الحكاية عن الجزاء والكشف عنه أبداً، وإن كان يتمّ الكشف عن الجزاء بالملازمة متى ما تحقّق الشرط، إلّا أنّ هذا الكشف لم يكن مقصوداً مباشرة للمتكلّم، وما لم يتحقّق الشرط لم يتحقّق الكشف عن الجزاء، كما قالوا: إنّ صدق القضيّة الشرطيّة لا يتوقّف على صدق طرفيها.