المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

52

أن يكون مدلوله التصديقيّ هو المعلّق، كما لو قال: (ليس إن جاء زيد وجب إكرامه)، أو قال: (هل إن جاء زيد وجب إكرامه؟) ونحو ذلك من الأمثلة، فإنّ المدلول التصديقيّ للجزاء في ذلك إن فُرض عبارة عن قصد الحكاية عن إكرام زيد، فإنّ المعلوم انسلاخه عن ذلك. وإن فُرض هي النسبة السلبيّة أو الاستفهاميّة فالمفروض أنّ أداة السلب أو الاستفهام سلّطت على الجملة الشرطيّة بشرطها وجزائها لا على الجزاء. فهذا دليل على عدم وضع الشرط لتعليق المدلول التصديقيّ للجزاء، وإلّا لأحسسنا بالمؤونة في مثل هذه الأمثلة.

ثُمّ لا يخفى أنّنا لو بنينا على أنّ المعلّق هو المدلول التصديقيّ للجزاء كان ذلك نكتة واضحة لأمر نحسّه بالوجدان، وتوضيح الكلام في ذلك:

أنّ عدم دلالة الجملة الشرطيّة الخبريّة على المفهوم أمر وجدانيّ لنا، وإنّما الكلام في ثبوت مفهوم الشرط في الجمل الطلبيّة، فلو قال مثلا: (إن جُعل الماء على النار أصبح حارّاً) فمن الواضح أنّه لا يدلّ هذا الكلام على أنّه لو جعل تحت حرارة الشمس مثلا لم يصبح حارّاً. ولو قال: (إن طلعت الشمس فالنهار موجود) لم يدلّ على نفي النهار على الإطلاق بانتفاء طلوع الشمس، ولو كان للشرط مفهوم فإنّما هو في باب الأحكام، من قبيل قوله: (إن بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء)، أو قوله: (إن جاءك زيد فأكرمه).

وعندئذ نقول: لو آمنّا بأنّ المعلّق في القضيّة الشرطيّة عبارة عن المدلول التصديقيّ للجزاء يصبح عدم دلالة الشرطيّة الخبريّة على المفهوم مبرهناً بوضوح؛ لأنّ قوله: (إن طلعت الشمس فالنهار موجود) إن دلّ على الانتفاء عند الانتفاء فإنّما دلّ على انتفاء إخباره عن وجود النهار عند انتفاء طلوع الشمس، ومن الواضح أنّ هذا لا يستلزم انتفاء وجود النهار عند انتفاء طلوع الشمس.