المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

495

نعم، قد يمكن دعوى أنّ عربيّ اليوم يحسّ إجمالاً بالفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس، وهذه الدعوى لو تمّت لم تدلّ على ما مضى من أخذ التعيّن الذهنيّ؛ إذ كما يمكن تفسير الفرق بذلك كذلك يمكن تفسيره بوجهين آخرين، بل لعلّه يظهر بالتأمّل إمكان تفسيره بغيرهما أيضاً:

الوجه الأوّل: أن يفرض أخذ الإطلاق الحدّيّ في الموضوع له علم الجنس فاستعماله في المقيّد مجاز، وبذلك تتحقّق له مرتبة من التعيّن يكون بذلك معرفة؛ إذ لا يبقى مجهولاً وقابلاً للانطباق على كلّ واحد من الأفراد، بل يتعيّن في الانطباق على الجميع والسريان في تمام الأفراد، وإن كان ظاهر كلامهم عدم كون أخذ الإطلاق الحدّيّ موجباً للتعريف؛ إذ ذكر المتقدّمون كون الإطلاق الحدّيّ مأخوذاً في الموضوع له اسم الجنس مع أنّهم لم يقولوا بكون اسم الجنس معرفة.

والإنصاف أنّ هذا الاحتمال أقرب جدّاً من احتمال أخذ ذلك المعنى الدقيق، أعني: التعيّن الذهنيّ في الموضوع له.

الوجه الثاني: أن يقال: إنّ علم الجنس كان ابتداءً علماً لشخص واحد من أفراد الجنس ثمّ غلب على الجنس وبقيت عليه أحكام المعرفة، وذلك إمّا بأنّه كان أوّلاً علماً لفرد فرضيّ وخياليّ كانوا يفرضونه جامعاً لتمام خصوصيّات ذلك الجنس على الوجه الكامل، نظير ما يصنع في زماننا من صورة مجسّمة تسمّى بــ (الجنديّ المجهول) وفي الفارسيّة بــ (سرباز گمنام)، أو بأنّه كان علماً لفرد حقيقيّ من ذلك الجنس ثمّ غلب استعماله في الجنس، وهذا وإن لم نجد نظيره في العرب ولكن نظيره ما كان في بعض الطوائف الاُخرى من العبادة الطوطميّة، حيث إنّ كلّ قبيلة منهم كانوا يعيّنون فرداً من أفراد جنس خاصّ من الحيوانات فكانوا يعبدونه وكانوا يسمّونه بالطوطم وكأنّ تقدّسه كان يسري إلى جميع أفراد ذلك الجنس