المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

48

قولنا: (إن جاء زيد) جملة ناقصة لا يصحّ السكوت عليها، مع أنّ قولنا: (جاء زيد)جملة تامّة يصحّ السكوت عليها، فالنقص إنّما جاء من كلمة (إن)، ولا يعقل أن يجيء النقص من ناحيتها إلّا بأحد وجهين: إمّا بتبديل النسبة التامّة إلى الناقصة وجعل الكلمتين بمنزلة كلمة واحدة، وهي مجيء زيد(1)، وإمّا بأن تكون نفس كلمة (إن) بما لها من خصوصيّة المعنى محتاجة إلى التتميم بالجزاء.

والثاني هو المطلوب لنا؛ فإنّنا نقول: إنّ أداة الشرط تدلّ على تعليق الجزاء على الشرط، والتعليق طبعاً بحاجة إلى طرف يعلّق.

والأوّل باطل؛ فإنّ أداة الشرط لو كانت لمجرّد الفرض والتقدير أصبح عندئذ حالها حال أداة الاستفهام والنفي ونحوهما، فكما أنّ مفاد (جاء زيد) فيما لو دخل عليه الاستفهام أو النفي يبقى نفس مفاد الجملة التامّة ولا يتحوّل إلى معنى مفرد، غاية ما هناك يكشف الكلام بزيادة أداة الاستفهام أو النفي عن أنّه يوجد في نفس المتكلّم داعي الاستفهام عن نفس الجملة التامّة أو النفي لنفس الجملة التامّة، كذلك المفروض في المقام أن تكون الجملة باقية على النسبة التامّة وزيادة أداة الفرض والتقدير عليها موجبة لكشف الكلام عن وجود داعي الفرض والتقدير لنفس تلك الجملة التامّة في نفس المتكلّم.

فالواقع هو: أنّ أداة الشرط ربطت الجزاء بذاك الفرض وعلّقته عليه، وخصوصيّة المعنى هذه بحاجة إلى تكميل؛ لأنّ الربط والتعليق بحاجة إلى مايُربَط أو يُعلّق.

وبكلمة اُخرى: إنّ الأداة لم تكن لمجرّد تلوين الجملة بلون الفرض، وإلّا لكان حال ذلك حال تلوينها بلون الاستفهام أو النفي ولا تصبح الجملة بذلك ناقصة.

هذا. وفي مقابل هذا البرهان الذي ذكرناه يمكن البرهنة لصالح ما أفاده المحقّق



(1) من قبيل (أن) المصدريّة في قولنا: (أعجبني أن جاء زيد).